وأخيرا تم الاتفاق على عقد القمة العربية بالجزائر في يونيو المقبل، وفق ما أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ عقب الاجتماع الوزاري. المغرب من الدول التي دعمت هذا المنحى وهذا الاتجاه حفاظا على لحمة العرب، ووحدتهم الجامعة، والمغرب لا يولي اهتماما لمكان انعقاد القمة العربية باعتبار أن الأمر يتم بشكل دوري.
فالخصومة التي افتعلتها الجزائر منذ 50 سنة وخلق كيان وهمي وقطع العلاقات الديبلوماسية أخيرا، كلها عوامل لم تمنع المغرب من أن يكون رقما مهما في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، حرصا منه على أن يبقى هذا الإطار الجامع، لعل وعسى أن يحقق أهداف الآباء المؤسسين للجامعة، وبعد استقلال المغرب أصبحت المملكة من رواد الجامعة، ولعب المغفور له الملك الراحل محمد الخامس أدوارا طلائعية في الوحدة العربية.
يمكن القول إن المغرب هو البلد الوحيد، الذي لم يستعمل جامعة الدول العربية كقاعدة لتصفية حساباته مع بعض الدول الأخرى، بل كان دائما يسعى إلى توجيه بوصلة العرب نحو أهداف واقعية غير حالمة، أساسها الاتفاق على الحد الأدنى من القيم، باعتبار أن لدى العرب جوامع كبيرة وعوامل قوية للوحدة، على رأسها اللغة والدين والتاريخ والجغرافية.
مع كامل الأسف أن بعض التجمعات الإقليمية والقارية تجتمع على عامل واحد، فالاتحاد الأوروبي تأسس على قاعدة فكرة ومفهوم “أوروبا”، التي ظهرت في القرن السابع عشر، رغم الخلافات العميقة بين أقطاره، ويرى بعض الباحثين، أن الدول الأولى التي كونت اللجنة الأوروبية قبل أن تصبح اللجنة الاقتصادية الأوروبية ثم الاتحاد الأوروبي هي نفسها الدول التي نتجت عن تقسيم إمبراطورية شارلمان. هناك عامل ما يجمع.
اللغة العربية جامعة والدين جامع وكذلك التاريخ ناهيك عن قدر الجغرافية، الذي لا فكاك منه، والمغرب يسعى من هذه المنطلقات، لتكون هذه العوامل والفواعل قواعد متينة لعمل عربي مشترك.
رغم أن المغرب كان بعيدا جغرافيا عن صراعات الشرق العربي إلا أنه ظل في قلبها، حتى أن بعض الصحف العربية والعالمية استوطنت قديما في الرباط، لأنه ظل مركز المعلومات المتعلقة بالشرق الأوسط، باعتبار أن المغرب عنصر فاعل، وكان الراحل ياسر عرفات لا يعبر إلى دولة أخرى قبل أخذ المشورة من المغرب، ويكفي أنه عندما زار المغرب بعد تولي جلالة الملك محمد السادس العرش قام بتقبيل رأس جلالته.
يكفي المغرب أنه هو الذي دفع القمة العربية المنعقدة بالرباط سنة 1974، والتي تعتبر قمة الإجماع العربي، إلى تبني مفهوم “منظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني”. وقد مكنتها هذه الصفة من ولوج منتديات دولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، التي استعملها الراحل عرفات كمنبر دولي لمخاطبة العالم.
لن نقف عند حد إذا أردنا تحديد تاريخ المواقف المغربية ذات البعد العربي لهذا لا ينبغي أن يتساءل البعض عن سر دفع المغرب بانعقاد القمة العربية في الجزائر. المغرب يميز بين الأمور، ومبدؤه هو الحرص على الوحدة العربية وضد التمزيق والتجزئة.
المغرب الجامع للعرب
