Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

المغرب الذي نريد..

La Chambre des conseillers tient, mardi (24/07/18), une séance plénière consacrée à la clôture de la session d'avril de l'année législative 2017-2018.

محمد عفري
قد يكون المغرب الذي نريد نحن ــ مجمل المواطنين ــ ليس هو المغرب الذي يريده أولئك الذين هرولوا إلى كراسي المسؤولية وتسابقوا إليها عبر الانتخابات.
محطة أول أمس الثلاثاء كانت آخر حلقات الانتخابات “المركبة” لهذا العام. الاقتراع غير المباشر، حسم في اختيار “النواب” المائة والعشرين بغرفة المستشارين. الحصيلة كانت، بطبيعة الحال، لصالح الأحزاب الثلاثة المشكلة للأغلبية الحكومية؛ حزب التجمع الوطني للأحرار بسبعة وعشرين نائبا وحزب الأصالة والمعاصرة بتسعة عشر نائبًا وحزب الاستقلال بسبعة عشر نائبًا، وفي ذلك طالعُ يُمْنٍ على الحياة التشريعية المغربية، كما اعتبره العديدُ من فقهاء الدّستور والقانون والسّياسة، الذين سبق وأن توقّعوا خيرًا للحياة السّياسية المغربية أيضا، بعد تشكيل الحكومة من الأحزاب السياسية الثلاثة ذاتها، لأنه تشكيل سيضمن سلاسةً في أدائها وانسجامًا بين مكوناتها.
نعم، خير الحياة السياسية المغربية في عدد الأحزاب الثلاثة المشكِّلة للحكومة وللبرلمان بغرفتيه، لأنه من السهل النجاحُ لأحزاب ثلاثة بمرجعيات وإيديولوجيات متقاربة في برنامج حكومي وفي أغلبية برلمانية منسجمة، بهدف التشريع والمراقبة، تساير هذا البرنامج ولا تضع له العراقيل، عكس حكومة مشكلة من ستة أحزاب سياسية ثبُتَ في الحكومتين الأخيرتين صعوبة انسجامها في عمق سلطة التنفيذ أكثر من سوء تفاهمها في انتهاج المعارضة البرلمانية، التي كانت من أجل المعارضة فقط.
اليوم وغدا بالتحديد، سيكتمل مسلسلُ الانتخابات الاستثنائية الموسومة بتداعيات جائحة كورونا، بتعيين الحكومة يومه الخميس، على أبعد تقدير، وبافتتاح الدورة التشريعية الجديدة بافتتاح البرلمان غدا الذي يوافق الجمعة الثانية من أكتوبر كما ينص على ذلك الدستور، ليكون الدخول السياسي والاجتماعي والاقتصادي رسميا.
قد يبدو للعيان أن الحكومة والبرلمان الجديدين بنكهة ليبرالية، إذا ما اعتبرنا أن الحزب الذي يقودهما، بحكم الأغلبية التي أحرزها في هذه الانتخابات، حزبٌ بتوجه ليبرالي، وإن كان في عمقه ديمقراطيًا مجتمعيًا، لكنْ طبيعةُ المشاريع التي على هاته الحكومة تحقيقها أو تتمة أوراشها على أرض الواقع على الوجه الأكمل وفي التوقيت الأنسب، تجعل صفة الليبرالية تنتفي عليها، وفي مقدمتها مشاريعُ الحماية الاجتماعية التي أطلقها جلالةُ الملك، قبل سنتين من الآن، لتكون جاهزةً لصالح المواطنين في أفق ثلاث سنوات من الآن على الأكثر.
تلك هي السياسة بتناقضاتها. اليوم حكومة وبرلمان بحس ليبرالي، بقيادة عزيز أخنوش وحزب التجمع الوطني للأحرار ومن معه، لتحقيق مشاريع بطابع “اشتراكي يساري” في مضمونها، والأمس القريب حكومة “اشتراكية” بتناوب توافقي، بقيادة الراحل عبد الرحمان اليوسفي والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التي كان من أبرز حلولها الاقتصادية والاجتماعية خوصَصة مؤسسات عمومية، في تناقض تام مع مفاهيم الاشتراكية وأنظمتها التي لا تُخَوْصِص هذه المؤسسات.
ليس ما يهم المغاربة من الحكومة اليوم ومن البرلمان هو أن يكونا بصفة ليبرالية أو حتى برجوازية متوحشة لا تخدم إلا طبقة معينة، ما يهمهم هو عدالة اجتماعية، قوامها تحقيق النزر القليل من الشعارات الانتخابية التي أضحت وعودا، واجب على أحزاب الأغلبية الوفاء بها. المغاربة في سن النشاط، في حاجة ماسة إلى سوق شغل دافق بالمناصب، والطبقة العاملة بمختلف تصنيفاتها في حاجة إلى رفع في الأجور. المغاربة قاطبة في حاجة إلى استقرار في أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية للعيش، وفي حاجة إلى عدالة ضريبية، يتساوى فيها الكادحُ والبرجوازيُ في الالتزام الضريبي، هم في حاجة إلى تجويد قطاع التعليم وقطاع الصحة، أي في حاجة إلى مدارسَ لا تقضّ المضاجع بالمصاريف وإلى مستشفيات وأسِرّة إضافية للتطبيب المجاني، وإلى تغطية صحية شاملة. المغاربة في الأول والأخير، في حاجة إلى مغرب تنعكس فيه مشاريعُه المتنوعة وثرواته المختلفة، الظاهر منها والباطن، على الجميع.

Exit mobile version