بإحداث الوحدة الصناعية الضخمة لـ”غوشن هاي تيك”، يعزز المغرب موقعه على الصعيد العالمي في مجال صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، مؤكداً بذلك أنه قطب مركزي للتنقل الكهربائي في المستقبل.
يبرز هذا التوجه من خلال الاهتمام المتزايد للشركات العالمية بقطاع البطاريات الكهربائية في المغرب، مما يجعل المملكة تتموقع كفاعل رئيسي في سلسلة قيمة التنقل الأخضر. على سبيل المثال، مجموعة “BTR” تستثمر ما يقارب 500 مليون دولار لبناء مصنع لإنتاج الأقطاب الكهربائية السالبة بالمغرب، و(CNGR Advanced Material Company) أرست تعاونا مع صندوق “المدى” الاستثماري، بينما مجموعة “Guangzhou Tinci Materials Technology” تقوم ببناء مصنع لها في المغرب.
وينضاف إلى هذه القائمة الطويلة، فاعل بارز جديد هو “غوشن هاي تيك”، الذي وقع أمس الخميس بالرباط، اتفاقية استثمارية ذات طابع استراتيجي مع المغرب لإحداث وحدة صناعية ضخمة مع منظومة متكاملة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في مدينة القنيطرة، بكلفة استثمار تبلغ 12.8 مليار درهم.
هذا التوجه الاستراتيجي ليس من قبيل الصدفة، بل هو نتيجة عمل طويل الأمد. وفقًا للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن جازولي، فإن “المغرب يجني اليوم ثمار رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خاصة في ما يتعلق بالطاقات المتجددة”. وأبرز جازولي خلال مائدة مستديرة مع وسائل الإعلام بمناسبة التوقيع على هذه الاتفاقية، أنه “بفضل هذه الرؤية، أصبحت الطاقة الخضراء متوفرة في المغرب بأسعار تنافسية للغاية”.
يتوفر المغرب على كل الإمكانات التي تجعله قاعدة استراتيجية للتصدير، مثل استقراره الجيوسياسي، وساكنته الشابة، وجودة بنياته التحتية، فضلاً عن اتفاقياته المتعددة للتبادل الحر، التي تدعم الولوج إلى سوق هامة من المستهلكين. كما يمتلك المغرب احتياطيات من الموارد الطبيعية واستراتيجية طاقية واضحة موجهة نحو الطاقات المتجددة وصناعة كيميائية، فضلاً عن مواكبة الدولة ودعم القطاع الخاص. في هذا السياق، قال جازولي “إن ميثاق الاستثمار يوفر إطارًا واضحًا للمستثمرين ومناخًا للأعمال في تحسن مستمر”.
بدوره، أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن الاستثمار بالمغرب عرف نمواً مهماً منذ دخول ميثاق الاستثمار الجديد حيز التنفيذ. وأبرز بايتاس أن المغرب أصبح وجهة مهمة للاستثمار بفضل العمل على تحديث الترسانة القانونية المتعلقة بالاستثمار وتحسين مناخ الأعمال عموماً عبر تبسيط الإجراءات والمساطر.
تعد المكاسب الاقتصادية لهذه الدينامية متعددة، لا سيما من حيث فرص الشغل، وخلق القيمة، والقدرة على التصدير، وعائدات العملة الصعبة. لإنشاء هذه الوحدة الصناعية الضخمة، وضعت المملكة ثقتها في “غوشن هاي تيك” باعتبارها رائدة في قطاع البطاريات الكهربائية، إذ تعد مجموعة “فولكس فاغن” الألمانية من بين المساهمين الرئيسيين فيها. حققت المجموعة إنجازات هامة في أوروبا والولايات المتحدة، حيث أنشأت 12 وحدة صناعية ضخمة “GIGAFACTORY” على مدار العامين الماضيين، لتلبية الطلب العالمي الكبير على بطاريات السيارات الكهربائية.
بهذا، يعزز المغرب موقعه كقطب رئيسي في صناعة التنقل الكهربائي، مساهماً بذلك في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية.
