لم يعد للمواطن المغربي من حيلة سوى أن يقول “إنا لله وإنا إليه راجعون” بعد أن وضعت الحكومة سلسلة “الديون” على عنقه. رغما عنا وجدنا أنفسنا مطوقين بديون مثقلة لكاهل الجميع. اليوم تقرير يصنف المغرب ضمن العشرين بلدا الأكثر مديونية في العالم. حسب موقع “إنسايدر مانكي” جاء المغرب في الرتبة الـ17 عالميا ضمن قائمة بـ 20 دولة أعدها الموقع الأمريكي المتخصص بناء على بيانات صندوق الدولي.
الحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه، أننا على الأقل وجدنا أنفسنا في واحدة من الترتيبات المتقدمة، لأنه تم تصنيفنا ضمن الرتبة 120 ضمن مؤشر التنمية البشرية، والرتبة 134 ضمن مؤشر الديمقراطية، بعد أن تخلفت بنا الحكومة عن موعدها.
المسؤول عن المديونية هو الحكومة وليس أي جهة أخرى، ولكن هذه الحكومة اعتادت أن تحل مشاكل البلاد على حساب المواطن وحده، وهي امتداد لما سار عليه الآخرون سوى أن هذه الحكومة تعمل بيد مطلوقة اعتمادا على الأغلبية العددية في البرلمان، فمثلا مشكل صناديق التقاعد هو قضية تعني الحكومة ولا تعني الموظف أو العامل الذي أدى واجباته كاملة، وإفلاس الصناديق هو مسؤولية حكومية باعتبار أن التقاعد قطاع توفيري تشرف عليه الحكومة.
لكن الحل اليوم ليس سوى من ظهر المواطن المساهم، حيث يتم اقتراح مخارج عجيبة، رفع المساهمات، وتخفيض المعاشات ورفع سن التقاعد. لكن الحكومة لن تقدم شيئا في هذا الشأن، سوى تهديدنا بأننا لن نحصل على شيء بعد الوصول لسن التقاعد إن لم نقبل الأمر الواقع.
هذا هو شأن الحكومة مع الأزمات المالية، فهي تلجأ للحلول السهلة، إما عن طريق القروض، التي أثقلت كاهل البلاد، ونازهت 71 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ومعروف أنه لما تتجاوز 64 في المائة يشعل الضوء الأحمر، الذي يقول “كفى” أو أن البلد كافة في خطر، والرأسمال العام للدولة مهدد، لكن هذا الحديث لا يعني الحكومة اليوم في شيء.
وغير الديون والقروض المثقلة للبلاد لجأت الحكومة إلى بيه مؤسسات عمومية، مثلما حدث اليوم عندما باعت مستشفيات وقامت بكرائها. أمر غريب حقا. الغرابة ليست في كونها باعتها وسوف تكتريها. باعتها حقيقة من أجل جمع المال. لكن الغرابة في أمرين، الأول أنه لا أحد سمع بذلك رغم أنه شأن عام، والثاني، لأي غرض تم بيعها وكيف سيتم صرف المداخيل وما هي أوجه إنفاقها أو أنها ستذهب مع الريح كما ذهبت ميزانيات كثيرة؟
السؤال الملحاح: هل بيع المؤسسات العمومية حل للأزمة أم هو تعميق لها؟ وماذا بقي من ممتلكات عمومية للبيع؟
الحل في “الجلوس للأرض” كما يقال والتفكير بجدية والتخلي عن النهج الحالي، الذي لن يؤدي سوى للاصطدام بالحائط وإغراق الدولة في ديون لن تتخلص منها إلا بعد سنين طويلة.
الحكومة لا ترهننا بل ترهن أولادنا إن لم نقل أحفادنا.
المغرب يغرق في الديون
