يقول المغاربة “العود اللي تحقرو يعميك”، وهذا ما وقع لإسبانيا، التي ظنت أن المغرب أنه الحائط القصير، الذي يمكن أن تُصرف عبره عجزها وضعفها داخل الاتحاد الأوروبي، غير أن الوقائع جاءت عكس ما تريد، فانقلب السحر على الساحر، وبينما أرادت أن تفرض حصارا على المغرب تمكن المغرب بفضل الأوراق التي يمتلكها من فرض وضعية “كورونا” على كامل إسبانيا، بمعنى فرض عليها حجرا بحريا شاملا نحو إفريقيا باستثناء بعض الموانئ المتوسطية، لكن أهم ميناء في القارة، أي طنجة ميد، لا تستطيع الوصول إليه.
ليست إسبانيا كلا في حربها ضد المغرب، حتى لا نكون نحن أيضا في حرب مع الكل، ولكن هناك تيارات وتكتلات ضد توجه الحكومة الحالية، المناوئة لمصالح المغرب، التي افتعلت الأزمة الحالية، التي لم يكن استقبال إبراهيم غالي، زعيم مرتزقة البوليساريو تحت اسم بن بطوش، سوى النقطة التي أفاضت كأس التحرش بالمغرب، الذي مارس صبرا استراتيجيا تجاه الحكومة الحاقدة.
لم تعد المواجهة اليوم تشمل الدول والتكتلات من خارج إسبانيا، بعد تعبير البرلمان العربي والإفريقي واتحاد مجالس عموم إفريقيا ومنظمة التعاون الإسلامي عن تأييدها للمغرب، ورفضها لقرار البرلمان الأوروبي، جاء الدور على الداخل الإسباني، سواء تعلق الأمر بالأحزاب السياسية المعارضة، أو حتى بعض المنتمين للأحزاب المشكلة للحكومة، أو أصحاب المال والأعمال، الذين تضرروا كثيرا من قرارات الحكومة الإسبانية.
أول ورقة لعبها المغرب هي إغلاق الحدود البحرية مع إسبانيا، بمعنى أن تنقل المواطنين القادمين والعائدين إلى الموانئ الإسبانية أصبح محرما، وبالتالي ضيّعت الحكومة ملايين اليوروات على خزينة الدولة، وعلى المواطنين من أصحاب المصالح وحتى العاملين.
مرور الجالية المغربية ذهابا وإيابا من الموانئ الإسبانية، يعني القادمين إلى المغرب من مختلف الدول الأوروبية، وبالتالي أي سيارة تدخل الأراضي الإسبانية فهي تعني دخول العملة إلى هذا البلد، فسوار تعلق الأمر بمصاريف الطريق أو المقاهي أو الفنادق وغيرها ناهيك عن حركية الموانئ، فهذا يعني ضياع أموال طائلة على إسبانيا بفعل مراكمة الأخطاء من قبل الحكومة.
الورقة الثانية، التي كانت إسبانيا تنوي التأثير بها على المغرب، هو الضرر الذي سيصيب الجالية نتيجة إغلاق الحدود البحرية فجاء القرار الملكي بنقل المغاربة من الخارج بأبخس الأسعار، فأُسقط في يدها.
أما الضربة القاضية فستكون عندما يتم الانتهاء من المفاوضات مع الحكومة البرتغالية، من أجل فتح الموانئ البرتغالية للربط مع الموانئ المغربية، فحينها ستكون الكارثة على الجارة الإيبرية، التي لم تحسب حساب هذه الأوراق. وسيتحرك اقتصاد هذا البلد الصغير الواقع في خاصرة أوروبا والضعيف الموارد.
هذه بعض القرارات ومازالت أخرى يمكن اتخاذها إذا لم تتراجع الحكومة الإسبانية عن التحرش بالمغرب ومناوءته في حقه التاريخي في الصحراء، التي كانت تحت سلطتها الاستعمارية ظنا منها أن “قشتالة” يمكن أن تعود.
المغرب يفرض وضعية “كورونا” على إسبانيا
