كلما اشتدت الأزمة وغابت الوسيلة توجهت أنظار المغاربة إلى جلالة الملك محمد السادس، وفي كل مرة وكعهده لم يخيب ظن مواطنيه فيه أبدا، حيث يكون في الموعد مع اللحظة التاريخية التي تتطلب عزما وحزما وتدخلا فوريا وجديا وجادا في مسعاه. بعد أن اتضح أن السنة الفلاحية موسومة بالجفاف وضاقت بناس البوادي الدنيا، فتح جلالته نافذة ليتنفس منها سكان العالم القروي، أكبر متضرر من أزمة التساقطات، التي طبعا ستصل آثارها العملية إلى المدن، لكون البادية هي التي تنتج قوت المغاربة.
وقد أبدى جلالة الملك محمد السادس اهتماما كبيرا بالعالم القروي، الذي يعيش اليوم على وقع نقص كبير في التساقطات المطرية، وذلك قصد التخفيف من الآثار السلبية الناتجة عن موسم فلاحي مطبوع بالجفاف مما سيؤثر سلبا على الفلاحين، وقد اعتدنا أن يكون جلالته سبّاقا للبحث عن حلول للأزمات قبل أن تقع.
شأن جلالته هو أن يكون في طليعة المواجهة للأزمات، فعندما أعلن المغرب عن اكتشاف أول حالة للإصابة المؤكدة بكوفيد 19، أعطى جلالته التعليمات الصارمة للحكومة قصد اتخاذ كافة الإجراءات لإنقاذ المواطنين، حتى كتبت كبرى الصحف الأمريكية الواشنطن بوست “ملك المغرب يفضل شعبه على الاقتصاد”، معتبرا أن حماية المواطن أولوية حتى لو أدى ذلك إلى خسائر اقتصادية لأن المال يتم تعويضه بينما البشر لا يمكن بتاتا تعويضهم.
وقد أثمرت هذه الخطة نتائج إيجابية حيث تم التخفيف من الخسائر البشرية على عكس كثير من الدول، التي تمتلك من الإمكانيات ما لا يتوفر عليه المغرب، وعندما شرع العالم في البحث عن حلول جاءت المكالمة التاريخية لجلالته مع الرئيس الصيني قصد مساهمة المغاربة في التجارب السريرية حتى يحظى بلدنا بأسبقية اللقاحات. وهو ما كان وكانت نتائجه طيبة للغاية.
هذه الرؤية هي التي تحكم اليوم مشروع الإنقاذ في العالم القروي، الذي يهدف إلى حماية الرصيد الحيواني والنباتي، وتدبير ندرة المياه، والتأمين الفلاحي، وتخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي.
وكان جلالة الملك دعا في أكثر من مناسبة، إلى الاهتمام بالعالم القروي باعتباره رافعة قوية للتشغيل، وجاء ذلك في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان سنة 2018 وفي ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2019، مما يؤكد الاهتمام الكبير لجلالة الملك بالعالم القروي، وتركيز العمل من أجل تأهيل سكانه للتأقلم مع التحولات التي يعرفها هذا الميدان من حيث تطور التقنيات وغيرها.
ويدخل هذا الأمر في إطار الرؤية التكاملية لجلالة الملك، التي تسعى إلى الموازنة بين كافة القطاعات وتقديم الخدمات لجميع المغاربة، والاهتمام أكثر بالفئات الأكثر هشاشة، ويأتي اليوم إعطاء الأمر لمعالجة تأثيرات غياب التساقطات في سياق رؤية ملكية تضامنية بين سكان المغرب.
الأمر واضح والتكلفة المالية واضحة المصدر، ويبقى فقط أن تكون الحكومة، بما هي جهاز تنفيذي، في المستوى المطلوب وفي مستوى من مستويات الرؤية الملكية، حتى تستجيب لمطالب ساكنة العالم القروي وفق مخطط يصرف كل درهم في محله.
الملك المنقذ
