يقود جلالة الملك محمد السادس ثورة في تدبير الشأن العام. ثورة يقابلها ركود تام في عمل الحكومة. في تدبير جائحة كورونا كان جلالة الملك خير مثال للمواطن الحريص على بلاده وعلى صحة المواطنين، ويوم اقتضى الأمر الإغلاق التام أمر بذلك، ودفع الحكومة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات، التي من شأنها الحد من تداعيات الإغلاق على المواطنين، واليوم بعد أن اتضح أن العالم يسير نحو رفع تدريجي للإجراءات الاحترازية، وبما أن جلالة الملك لديه المعلومات الوافية والوافرة حول الوضعية، ظهر في أكثر من مناسبة بدون “كمامة”.
لكن الحكومة الغائب عن كل اختيارات المغرب والمهتمة فقط بتدبير شأن “تجمع المصالح الكبرى”، ما زالت مصرة على التعامل مع المغاربة وفق رؤية قديمة تعود إلى بداية ظهور الوباء، وهي ماهرة في الحفاظ علىى الإجراءات الاحترازية المتجاوزة عالميا، لكنها لم تراع الوضع الوبائي في اتخاذ مجموعة من القرارات غير الاجتماعية، بل إن الارتفاع المهول في الأسعار، التي عرفتها بلادنا أخيرا لا تعني سوى أن الحكومة لا تضع “كمامة” على فمها وإنما تضع “كمامة” على عينها.
حكومة “الكمامة” والمهارة في الإجراءات المتجاوزة، لم تفكر أبدا في التخفيف من آثار الجائحة والأزمة العالمية بأوكرانيا، وتركت المواطن عرضة لجشع “تجمع المصالح الكبرى” بل شجعت على ذلك، وتعاملت مع المواطن كزبون لديها، متروكا كفريسة سهلة لتجار الأزمات، بينما هناك مقترحات عملية قدمتها قوى سياسية ووسائل الإعلام كانت كفيلة للحد من ارتفاع الأسعار.
كان بإمكان حكومة “الكمامة” أن تفكر كما فكرت غيرها من الحكومات في العالم، التي اتخذت مجموعة من الإجراءات، التي من خلالها تم الحفاظ على مستويات معينة من المعيشة، مثلا في إيطاليا وهي دولة أوروبية غير مترفة قامت الحكومة بالرفع من الضريبة على المحروقات، وتم توجيه مداخيل الضريبة لما هو اجتماعي، كما تم فرض أسعار على الشركات، في بلد محسوب على الرأسمالية فما بالك ببلد توجد فيه هشاشة كبيرة.
فحتى ما سمي الحوار الاجتماعي كان عن خديعة كبرى لإسكات أي صوت يمكن يعارض القرارات الحكومية، إذ أنه لا يسمن ولا يغني من جوع، بل يتضمن أمورا مضحكة، كالرفع من التعويض عن الأبناء الرابع والخامس، وكأن المغربي ما زال مستعدا لكثير من المواليد، بينما أقرت زيادات بسيطة لا تغطي ارتفاع جزء من الأسعار.
الحكومة لا تفهم ما يريده جلالة الملك، الذي يبعث رسائل كثيرة من خلال سلوكه لنهج واضح في التعاطي مع جميع القضايا، فعندما يقوم بتدشين أكبر مستشفى جامعي بإفريقيا فهو يريد أن يقول للحكومة عليكم بنهج سياسة صحية غير هذه المتبعة اليوم، وعندما ينزع “الكمامة” يقول للحكومة ما هي خطتكم لإخراج المغاربة من وضع الطوارئ إلى وضع طبيعي قوامه التعايش مع المرض لأن العملية الإنتاجية لا تنتظر أحدا.
الملك والحكومة والكمامة
