Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الملك والشعب والثورة الدائمة

اليوم يخلد الشعب المغربي ذكرى ثورة الملك والشعب، وهو عند المغاربة يوم من أيام الله التي كتب لهم فيها نهضة جديدة، وقيامة لا جلوس بعدها نحو التحرر والبناء. كان هدف الاستعمار عزل الملك عن الشعب، والغرض هو ضرب اللحمة التي تجمع بين الطرفين، في بيعة تطوق عنقهما إلى يوم القيامة. لكن المستعمر فشل بعد رفض السلطان ابن يوسف التوقيع على ما تريده الحماية وهو ما جسدته الأغنية الشعبية “والله ما نسيني ولا نبيع ديني”. يعني عند المغاربة ارتبط الوفاء للوطن بالدين والاعتقاد.
هذا الصمود، الذي كلف السلطان عرشه وأورثه المنفى رفقة أسرته، دفع الشعب إلى التفاني في الدفاع عنه، وانخرطت الحركة الوطنية في الموضوع، وكان علال الفاسي، الزعيم الوطني، مقيما في القاهرة حيث أصدر من هناك نداء القاهرة عبر إذاعة صوت العرب دعا فيه السلطات الاستعمارية إلى إعادة السلطان إلى عرشه ودعا الشعب المغربي إلى حمل السلاح في سبيل ذلك.
كانت إذن ثورة مشتركة، بقيادة الملك والشعب، ولم تنفرد نخبة معينة بالثورة، ومارسها الملك بوعي، ومارست الحركة الوطنية المقاومة بوعي، وخرج الشعب بعفويته رابطا الاستقلال بعودة السلطان، وهو ما كان وأصبح قاعدة ولازمة تاريخية ميزت كل مراحل المغرب وتطوره، وكلما كانت الثورة بعيدة عن مفهوم “ثورة الملك والشعب” فشلت، فالملك هو أمير المؤمنين بما يجسد من قيم محلية هي التي تحرك الشعب.
بمرور سريع إلى حدث هام عاشه المغرب، أثناء ما سمي بالربيع العربي، خرج بعض الشباب رافعا مطالبه، وكانت الاستجابة الملكية سريعة للغاية، مميزة بين التوظيف السيئ لحراك الشباب وبين المطالب الحقيقية والمعقولة، التي تم تجسيدها في دستور 2011، الذي يعتبر ثورة حقيقية في مجال الدستورانية بالمغرب، فمن حيث الشكل والمضمون كان شيئا جديدا.
فقد تم لأول مرة في تاريخ المغرب كتابة دستور بشكل علني، حيث تكلفت لجنة بالاستماع إلى الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمدنية والفئوية كما استمعت للمثقفين والفاعلين ولبعض قادة حركة 20 فبراير، وخرجت بخلاصات هي التي تضمنها الدستور الجديد، الذي تم ختمه باستفتاء فاتح يوليوز 2011، وشكلت هذه اللحظة ثورة الملك والشعب الثانية، بل أكدت أن قدر هذه البلاد ألا تكون الثورة إلا مشتركة بين الملك والشعب ومن حاول الفصل بينهما فشل.
اليوم نعيش على وقع قضية جديدة، يتقدم فيها الملك بصفته أمير المؤمنين ثورة جديدة على مستوى حماية القيم المحلية بما يحقق استقرار الأسرة وضمان حقوق أطرافها بلا طغيان من طرف على آخر، ودون مخالفة الشريعة الإسلامية، التي تعتبر إمارة المؤمنين حامية لها، فإذا كانت هناك نخب تسعى إلى ثورة في المجال لا تنسجم مع القيم المحلية فإن ثورة الملك والشعب في مجال الأسرة ستحقق التقدم اللازم المنسجم مع التطور التاريخي دون الخروج عن سياج قيمنا الخالدة.

Exit mobile version