اختارت الأغلبية الحكومية ميثاقا ينظم عملها الداخلي، ويكون وثيقة مرجعية للعودة إليه والاحتكام إلى نصوصه في حالة الخلافات التي تطرأ بين مكوناته الثلاث، والوثيقة من هذا النوع هي دستور هذه المجموعة السياسية، ومن خلال قراءة ما جاءت به الأغلبية الحكومية في ميثاقها نرى أنه ميثاق يحمل الكثير من الطموحات من أجل أن تكون الأغلبية منسجمة، وقادرة على تدبير شؤون المغاربة بشكل متكامل.
حاول عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ومنسق الأغلبية، أن يوحي لنا بأن ما كان في الحكومة السابقة كان عبارة عن أغلبية وسط أغلبيات متعددة، وهو ما نسميه جزرا متناثرة من الأحزاب السياسية، ويريدون اليوم أغلبية لا يعترض بعضها على بعض، وغن كانت هناك خلافات حول قضايا معينة يتم تداولها وسط تجمع الأغلبية وإن كان كسر يتم جبره عن طريق مكونات الأغلبية ولا يخرج إلى الإعلام.
ليس ميثاقا غليظا بالمفهوم المعروف ولكن من حيث صياغته لا من حيث وثاقته وقوته، يحمل مفاهيم كبيرة وكثيرة، كما يتضمن عهدا قويا على تنفيذ برامج الحكومة بشكل سلسل.
ما فهمناه من ميثاق الأغلبية هو أن قانون داخلي تم إخبار المواطنين به، بمعنى أن هناك وثيقة تمنع المعارضة من داخل الأغلبية، خصوصا وأن هناك أصواتا تنتقد الحكومة بشدة من داخل حزب الاستقلال وحتى من داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وإذا لابد من ميثاق للأغلبية، أي أغلبية، فإن الميثاق الحالي تم تسريع ظهوره حتى يضع حدا لانفلاتات من وسط التحالف الحكومي أو الترويكا.
من يعتقد أن الميثاق ضامن لعدم الانفلات مخطيء أو مغالط، وخصوصا إذا كان من التجمع الوطني للأحرار، إذ لابد من ضمانات أكبر من الميثاق، وهي أخلاقية قبل أي شيء لاستمرار التحالف الحكومي.
فعزيز أخنوش كان عضوا في التحالف الحكومي السابق، وهو اليوم يقول إن هذه الأغلبية لم تكن منسجمة، وكان فيها زعيم التجمع يسيطر على أهم الوزارات فيها، بل إن رئيس الحكومة حينها سعد الدين العثماني، كان يريد أن يخرج “سربيسه” على خير مع هذا التحالف المتغول، ومع ذلك لم يقتنع أخنوش بهذا التحالف.
لقد كان للأغلبية السابقة ميثاقها أيضا ووقعته أمام وسائل الإعلام، وحاول العثماني مرارا الدفاع عن الانسجام الذي كان الواقع يتحدث عن العكس، ورغم وجود الميثاق لم يكن العمل “ميثاقيا”، وكم من القوانين جاءت بها الحكومة عارضتها مكونات الأغلبية، ويكفي أن نذكر قوانين الانتخابات، التي عارضها حزب العدالة والتنمية بشدة، ولم يكن فقط من الأغلبية بل كان يقود تحالف الحكومة. فهل كان الميثاق منجيا من الافتراق؟
الميثاق، كما لا يفهمه أخنوش ومن معه، ليس لجمع الأغلبية ولكن لضبط الخلافات والاختلافات بعد أن تكون الأغلبية اجتمعت وفق عوامل مشتركة كبيرة، بينما الأغلبية الحالية هي أغلبية عددية تكونت من الأحزاب المرتبة من واحد إلى ثلاثة.
إنه ميثاق غليظ في صياغته لكن أوهى من بيت العنكبوت.
الميثاق الغليظ…ملاحظات حول وثيقة الأغلبية الحكومية
