Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

النضج الفرنسي ولو “متأخرا”

فرنسا العميقة تعرف جيدا أن مناكفة المغرب من غير نتيجة مهما حاولت بعض الجهات واللوبيات الضغط، لأن المغرب ليست له شروط في العلاقات الدولية وليس من البلدان التي تربط العلاقات وفق نزعات إقصائية، لكن الشرط الذي لا تعلو عليه الشروط هو ما أكده جلالة الملك محمد السادس، ذات خطاب، عندما قال لن نتسامح مع من يشكك في وحدة المغرب الترابية، وأنه لن تكون هناك اتفاقيات مع أي بلد لا تتضمن أقاليمنا الجنوبية، وأي تعامل مع أي بلد يكون من غير استثناء أي شبر من تراب المغرب.
لما عرفت فرنسا العميقة أن المغرب لا يمكن أن تلوي يده، عبرت عن نضج حتى لو كان متأخرا، وجاءت بعد أمريكا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا، لكن هذا النضج المتأخر مهم جدا للبلدين، باعتبار الروابط الكبيرة، الثقافية والتاريخية، التي تحكم الوجود الفرنسي في المغرب والوجود المغربي في فرنسا، والمغرب من أكثر البلدان استهلاكا للثقافة الفرنسية، سواء عبر الكتاب أو عبر السينما والأغنية والفن، بحكم التاريخ والجغرافية واللغة.
باستثناء قضية الصحراء المغربية، وهي استثناء جدري لا تنازل عنه، فالمغرب لا يسعى سوى إلى علاقات رابح-رابح، وأي علاقة فيها رابخ-خاسر هي مرفوضة لأنها تعيق التقدم في أحد البلدين، ولهذا ولج المغرب إلى الاستثمارات في إفريقيا من بوابة “لنربح جميعا”، كل يقدم ما عنده، واحد يقدم الثروة الطبيعية وواحد المال والآخر يقدم الخبرات، لتجمع في النهاية على شكل أرباح يستفيد منها الجميع.
الفتور في العلاقات طبيعي ويحصل بين أغلب البلدان، ودائما تكون له أسباب، وأحيانا سوء فهم وأخرى سوء تقدير لقيمة الشرك في العلاقة، وربما هذا الذي حصل بين المغرب وفرنسا، ولما استوعبت فرنسا العميقة أن المغرب لا يمكن معاملته كبلد قاصر شقت العلاقات من جديد طريقها.
لقد تم افتتاح العودة باستقبال الأميرات، للا مريم وللا حسناء وللا أسماء، من قبل بريجيت ماكرون سيدة فرنسا الأولى، وفي قصر الإليزي وأقامت على شرفهم مأدبة غداء كما تم استقبالهم من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون، وكان هذه هي الرسالة الأولى إلى ضرورة فتح كل الخيوط الممكنة للحوار لأن فرنسا ضيعت الكثير وهي تركب رأسها في مواجهة بلد لم يولد صدفة ولكن له مجد إمبراطوري اسمه المغرب.
قبل هذا الاستقبال كان وزير الخارجية الفرنسية المعين حديثا قال إن الرئيس ماكرون أمره بالاستثمار شخصيا في العلاقات الفرنسية المغربية، وهي عنوان على أن هناك من تورط في تسميم أجواء العلاقات بين البلدين، ووزير الخارجية الفرنسية، أصبح حاملا لرسالة إعادة العلاقات إلى طبيعتها، وفي هذا السياق جاءت زيارته للمغرب.
السفير الفرنسي وأثناء استضافته بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، قال من غير المنطقي ألا تعترف فرنسا بمغربية الصحراء لفائدة فرنسا أولا، وكان التصريح تمهيدا لمجموعة من الأحداث، التي تدل على عودة النضج إلى الضمير الفرنسي.

Exit mobile version