Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

النقابات والتنسيقيات والملف المطلبي

توصلت الحكومة إلى اتفاق مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية في القطاع قصد نزع فتيل التوتر بين الوزارة والأساتذة عقب الاحتجاجات ضد النظام الأساسي، ودعت النقابات الأساتذة إلى العودة إلى مقاعد الدراسة، بينما أصدرت بعض التنسيقيات بيانات نددت فيها بالاتفاق واعتبرته مشؤوما.
وهنا ينبغي الوقوف بشكل جدي لقراءة الحدث.
نعرف أن الحكومة وعبر ممارساتها المتكررة فقدت الثقة، وبالتالي لم يعد أحد يثق بها، مما يجعل الكثير من الفئات الاجتماعية متخوفة من الاتفاقيات الموقعة معها. لكن نحن لا نتعامل مع أشخاص ولكن مع مؤسسة دستورية لها قوانينها وضوابطها، قد يكون فيها هذا الحزب أو ذاك وتتغير غدا، لكن الوثيقة تبقى هي الحاكمة على الموضوع.
اليوم هناك اتفاق، يتضمن بعض المطالب لفائدة رجال ونساء التعليم، وعلى رأسها الزيادة المتساوية في الأجور، مع إبقاء باب الحوار مفتوحا على باقي البنود والنقط الوارد في النظام الاساسي، بمعنى أن الاتفاق الحالي هو بوابة الثقة لاستمرار الحوار، وليس الأمر هنا دعوة للثقة أو لعدم الثقة ولكن الاتفاق فتح هذه الكوة في هذا الظلام، حيث تعطلت الدراسة لمدة ثلاثة أشهر، مما يهدد التلاميذ بسنة بيضاء، لا قدر الله.
الكارثة التي نعيشها اليوم هي قتل المؤسسات، حيث لم تعط الحكومة القيمة لذاتها، من خلال ممارسات أساءت للمؤسسة قبل الأشخاص، كما أن النقابات لم تعد هي الحضانة لنضالات الشغيلة التعليمية، مما فتح الباب أمام التنسيقيات، التي تكونت في سياق الاحتجاج على النظام الأساسي، وبالتالي قامت بدور النقابات في قيادة الاحتجاجات لكنها لم تقم بدور النقابات في تأطير الأساتذة.
نعرف أنه من قواعد الحوار النقابي، التي يتعلمها أي واحد ينخرط في العملية النقابية، هو أنه لا يمكن الاستجابة لأي ملف مطلبي مائة بالمائة، وبالتالي فإن تحقيق جزء من المطالب يعتبر نجاحا لا فشلا، ولا يمكن النظر للأمر دائما في سياق “أبيض وأسود” ولكن هناك ألوان أخرى.
تمت الاستجابة لملف مهم لدى الشغيلة التعليمية، وهو الزيادة في الأجور وفق معيار موحد مقسم على سنتين. لم يغلق الاتفاق باب الحوار بل اعتبره قد تم فتحه للتو وعلى الجميع المساهمة في استمراره وإنجاحه.
المنطق يفرض أن يتعاطى الجميع بإيجابية مع الأمر مادام هناك اتفاق. لا نقول مثل ما يقول البعض أن هناك حسن نية. الموضوع في الاتفاقات هو الوثيقة التي تعتبر مقدمة لحسن النوايا. اليوم توجد وثيقة هي الاتفاق.
التنسيقيات لها وجهة نظر أخرى. رفضت الاتفاق لأنه لا يستيجيب لكل مطالبها. هذا طبعا غير ممكن. لا يعني أنه لا ينبغي الاستجابة لباقي المطالب. لكن الكل يتم إفرازه من طاولة الحوار. واحتجت لأنها لم تحضر للنقاش. قد يكون هناك إشكال وحتى لو حضرت لن تكون مقررة لأنها لا تمتلك الصفة التمثيلية والقانونية. كل هذه الإشكالات يمكن حلها بالحوار وليس بالتوتر.

Exit mobile version