أكد المشاركون في جلسة، نظمت، أمس الجمعة، بمراكش، في إطار المناظرة الإفريقية الأولى للحد من المخاطر الصحية، أن الولوج المنصف للساكنة الإفريقية إلى الخدمات الصحية يظل رهينا برفع النفقات الموجهة للقطاع.
وأجمع المشاركون في هذه الجلسة، التي تناولت موضوع “تمويل الصحة، مسؤوليات الدول والاستدامة المالية”، على تأكيد ضرورة تغيير الباريدغمات في إطار تمويل القطاع الصحي عبر إرساء آليات مبتكرة ومستدامة ومن خلال الاستثمار أكثر في الوقاية والرقمنة.
وفي كلمة بالمناسبة، قال المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حسن بوبريك، إن الرؤية الملكية المتعلقة بإصلاح قطاع الصحة تجسدت تدريجيا عبر إطلاق عدة مبادرات وأوراش تهدف إلى ضمان ولوج المواطنين بشكل منصف إلى العلاجات الصحية.
وأوضح أن الأمر يتعلق، على الخصوص، باعتماد وإصدار القانون رقم 65.00 سنة 2002، المتعلق بتنظيم التغطية الصحية الأساسية، ودخول نظام التأمين الإجباري عن المرض حيز التنفيذ سنة 2007 للموظفين وأجراء القطاعين العام والخاص، واعتماد التجربة النموذجية لنظام المساعدة الطبية (راميد) سنة 2008 قبل تعميمه سنة 2012، وتوسيع الاستفادة من نظام التأمين الإجباري عن المرض ليشمل الطلبة سنة 2015، والشروع في تفعيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية سنة 2021.
وتابع أن هذه “التطورات الملموسة مكنت منظومتنا الصحية من إظهار قدرة عالية على الصمود أمام الأزمة الصحية لفيروس كورونا”، مشيرا إلى أن الجائحة كشفت عن عدد من الصعوبات على مستوى منظومتنا الصحية والتغطية الطبية لبعض الشرائح المهنية والاجتماعية.
وسلط الضوء، في هذا الاتجاه، على رافعتين للنهوض بالقطاع ولتجويد العلاجات، تتعلق الأولى بضرورة توفير تمويل مستدام للقطاع الصحي، وتمكين المواطنين من الولوج إلى علاجات ذات جودة، والثانية تتمثل في إصلاح المنظومة الصحية، وتأهيل وتوسعة العرض من العلاجات.
من جهته، أوضح الطبيب المتخصص في السرطان، دافيد خياط، أن الزيادة في أسعار السجائر وسن قوانين تجرم التدخين في الأماكن العامة لم يفض إلى تقليص عدد المدخنين.
ودعا، في هذا الصدد، إلى الاستثمار في الابتكار من أجل الحد من المخاطر الصحية، عبر اقتراح منتوجات بديلة بالنسبة للمدخنين بشراهة، الذين يجدون صعوبة في الإقلاع عن هذه العادة.
أما ديلون هومان، الطبيب والخبير في الحد من المخاطر المرتبطة بالتغذية والكحول والتبغ، فأكد أن الأمراض المزمنة على غرار السرطان وأمراض القلب والشرايين والأمراض الصدرية، لها تبعات وخيمة على المجتمع وعلى الإنتاج الاقتصادي، وتعد من الأسباب الرئيسية للوفيات، داعيا إلى الاستثمار في الوقاية عبر التحسيس بمخاطر استعمال التبغ، والاستهلاك المفرط للكحول، وضرورة اعتماد نمط غذائي سليم.
وسجل أن الاستثمار في الوقاية سيمكن البلدان الإفريقية من كبح تطور بعض الأمراض المزمنة، ذات التبعات السوسيو-اقتصادية.
من جانبه، استعرض الخبير في طب السفر والأمراض الاستوائية، البروفيسور إيال ليشيم، تجربة دولة إسرائيل في مجال النهوض بالصحة عبر الإصلاح الاقتصادي، مبرزا أداء المنظومة الصحية في بلاده، والتي مكنت من تقليص معدل وفيات الرضع بـ10 مرات خلال الخمسين سنة الأخيرة. وأفاد بان إسرائيل تنفق نسبة 7,5 بالمئة من ناتجها الداخلي الخام