إدريس عدار
في حديث هامشي قال أحدهم: لماذا لا يصرفون أموال كرة القدم، التي لم تحقق نتائج مرجوة على الفقراء والمساكين. لماذا لا يتم تحويل أموال هذه الجامعات إلى شراء بطانيات وأدوات تدفئة لأناس يعيشون وبال الجائحتين. جائحة كورونا وجائحة الفقر الذي لا يمكن تصور مداه. قلت إن قضية تحويل أموال هذه إلى تلك ليست هي المشكل حتى تكون هي الحل. ولا يمكن الاستغناء عن الكرة وكل أدوات الترفيه كما لا يمكن الاستغناء عن المسرح والسينما، وإن كنا استغنينا عنهم لفائدة التفاهة وكل شيء رديء وكل ما هو منحط وسافل ولا يخدم المجتمع.
المشكل في نظري في ترتيب الأولويات. المشكل في هذه الاستقالة غير المعلنة لمن ينبغي أن يقوم بواجبه من مسؤولين وسياسيين وفاعلين جمعويين.
كان المسؤول يهاب السياسي فأصبح السياسي يتملق إلى المسؤول. كان السياسي رقيبا على المسؤول ومحاسبا له وفاضحا وكاشفا، فأصبح كائنا مفضوحا ومكشوفا.
إذا لم نقم بترتيب الأولويات ستبقى كل طموحاتنا مجرد لغو كلام نزرعه نهارا لندكه ليلا.
في مجتمع ما زالت قرى وبوادي ومداشر بل سكان كبرى المدن يعيشون البؤس لا حق لمثل هذا البلد في أعمال الترف.
أحيانا يتم التركيز على أمور هي من فعل الدول التي تعيش ترفا بفضل ثرواتها وغيرها أو بفضل ثروات غيرها مثلما تفعل كثير من الدول الغربية. هناك وفرة في الإمكانيات يتم تحويلها إلى المجتمع، وحتى السرقات الموجودة عندهم لا تؤثر على المجتمع لأن هناك وفرة، لكن في بلد مثل بلدنا لا يجوز بتاتا أن تبقى الأمور على ما هي عليه. لابد من اقتصاد الكفاية وتدبير الكفاية وتسيير الكفاية.
حينها لن نتحدث عما تصرفه جمعية أو جامعة تجلب دعمها من المستشهرين ولكن سيكون المال العام مراقبا بشكل كبير.
لن تذهب أموال الناس إلا لمصلحة الناس.
هناك مواطنون يعيشون البؤس وتحت عتبة الفقير بشكل كبير. لن نتحدث عن أزمة فئات عريضة تحقق عيشها بالكاد. مفروض أن تتدخل الدولة في كل الحالات التي توجد تحت عتبة الفقر لمعالجة الأمر. الفقراء موجودون في كل مكان. لكن الفقير بمستطاعه العيش، حتى لو كان عيشا نكدا. لكن من هو تحت عتبة الفقر فهو يتألم كل وقت وحين. لست هنا في وارد الحديث عن العمل الاجتماعي الذي ينبغي أن ينصب في هذا الاتجاه قصد تخفيف المعاناة.
عمل تطوعي يهمه أصحابه ويلزم أن نشجع عليه. لكن دور الدولة بما هي مؤسسات حتمي وهي ملزمة برعاية أبنائها الذين مستهم الحاجة وأصابتهم الفاقة.
في مكان ما يسمى المغرب العميق هناك من لا عهد له ب”العيش”. فقط الروح ما زالت ملتصقة بجسده. لا شيء من مستلزمات الحياة الطبيعية يتوفر له.
ليس عيبا أن نرتب الأولويات ونخصم الأموال غير الضرورية من كثير من المؤسسات ونوجهها لمواجهة “برد الليالي”.
برد الليالي
