Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بركة “يخوي الما فالرملة”

يقول المثل المغربي البليغ “بحال إلى كتخوي الما فالرملة”، كناية على أن كثيرا من الجهد قد لا يكون له مبرر إن لم يكن منطقيا، والمناطقة يقولون “المجهود لا يبرر المضمون”، أي إن كثرة الحركة والجهد والعرق لا تعني أن المضمون جيد، وهذا ما نود مناقشته مع نزار بركة، وزير التجهيز والماء، حيث تنعقد العديد من الاجتماعات، مع المسؤولين والجهات والمجالس الترابية، قصد البحث عن حلول لأزمة الماء.
وتم اتخاذ قرار إغلاق محلات غسيل السيارات، دون فتح نقاش جدي حول الموضوع، والبحث عن بدائل للاستهلاك الكبير للماء، ومعالجة ما سينتج عن الملف من ضحايا، لكن الأساسي في هذه القضية هو هذه المغالطة الكبيرة: فالإشكال في المغرب اليوم في الماء وليس في الماء الصالح للشرب. المعضلة في الفرشة المائية وليس في الماء الذي تمت معالجته.
سبق أن صدر تقرير للبنك الدولي، وهو مؤسسة ليس لها قلب على دول العالم الثالث، ولكن مع ذلك تحدث عن الإجهاد المائي في المغرب. يمكن اعتبار الاستعمال غير العقلاني للماء ببعض المرافق كالحمامات ومحلات غسيل السيارات إجهادا. لكن الإجهاد الحقيقي هو “تخوي الما فالرملة”، أي تسقي شجر لافوكا والبطيخ الأحمر وبعض الأشجار والزراعات الأخرى التي تستهلك كميات ضخمة من الماء.
قبل أي حديث عن ترشيد الماء امنعوا من “يخوي الما فالرملة”. لا يمكن معالجة معضلة كبيرة ومشكلة حقيقية تنذر بكارثة العطش من خلال وصلات إشهارية تطالب المواطن الحريص على “فاتورته” الشهرية من استهلاك هذه المادة بالترشيد، ولا يمكن معالجتها بمنع محلات غسيل السيارات والحمامات، وإن كان الترشيد ضروريًا على هذا المستوى من مستويات الاستهلاك، ولكن ينبغي أن نمنع من “يخوي الما ليس في الرمل فقط ولكن على لافوكا والدلاح”.
زراعات تستنزف الفرشة المائية، وتهدد الأمن المائي للمغرب، ولا من يحاسبها أو يراقبها، والحكومة، مجسدة في وزارتي التجهيز والماء والداخلية، تلجأ إلى الحلول السهلة أو الحائط القصير لتعلق عليه فشلها في عدم القدرة على التوجه مباشرة نحو أصحاب زراعات تستهلك كثيرا من الماء دون فائدة سوى للفلاحين الكبار.
الزراعات الموجهة للتصدير مفيدة للغاية في تمويل الخزينة العامة وتأمين رصيد المغرب من العملة الصعبة، لكن ليس عيبا أن نبحث عن زراعات تستهلك كميات قليلة من الماء وهذا ممكن للغاية، ومن “بحث وجد”، لكن الحكومة لا تريد أن تتعب نفسها، والحكومة التي يسيطر عليها “تجمع المصالح الكبرى” لا يمكن أن تواجه كبار الفلاحين الذين تمثلهم، وباسم الكتلة الناخبة المعنية بترشيد الماء يتم التوجه إلى الطبقات الصغيرة و”الحائط القصير” لتعليق الفشل عليه.
ينبغي الاعتراف بفشل السياسة المائية، لأن تدبير هذا القطاع خضع لعملية إجهاد كبيرة قد تؤثر على “مشروب” أجيال من المغاربة إن لم يتم القطع مع الزراعات الاستنزافية.

Exit mobile version