Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بعد همينة أخنوش عليه…حالة الاستثناء” الإعلامي

المعروف أن “حالة الاستثناء” مرتبطة بمنع التعددية الحزبية والسياسية وحل البرلمان، والحمد لله في المغرب هذه القصة انتهت منذ زمن بعيد، بعد أن أصبح الخيار الديمقراطي ثابتا في نمط الحكم، لكن ما نود التطرق إليه اليوم هو الالتفاف على المكاسب الدستورية من طرف “تجمع المصالح الكبرى”، الذي يجسد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس التجمع الوطني للأحرار، أحد تجلياته الكبرى، وهذا الالتفاف يقتضي القضاء بشكل “ناعم” على كل صوت يعارض توجهات الحكومة ومن يقف وراءها.
منذ البداية نبهنا إلى خطورة تجميع الأحزاب الحاصلة على مقاعد مهمة في تكتل واحد يقتسم مقاعد الحكومة، لأنه أفرغ الرقابة البرلمانية من مضمونها بعد أن أصبح هناك تماهٍ كبير بين الأغلبية في الحكومة والأغلبية في البرلمان، وهي طبعا كذلك، لكن في غياب معارضة قوية، حيث إن المعارضة الحالية تتكون من حزب مطرود للمعارضة بعد استجدائه للمشاركة، وحزب يعاني من “سقوط حر” من أكبر فريق إلى مجموعة نيابية صغيرة، وحزب كانت المشاركة والمعارضة لديها مبنية على أوامر. وبالتالي فإن الرقابة على الحكومة غير ممكنة في ظل وضع سياسي مثل هذا.
لم تقم الحكومة بمنع الأحزاب ولكن قامت بتعطيل عملها بشكل “ناعم” كما قلنا، ولم يبق من يقاوم الحكومة وقراراتها سوى الإعلام. لكن مع مرور الوقت وبعد أن تبين لها أنه مزعج أعلنت الحكومة في وجهه “حالة الاستثناء”، وهي حالة “ناعمة” أيضا. تعني تطبيق منطق “الخضوع أو الموت الطبيعي”.
قبل قيادته للحكومة عمل عزيز أخنوش على السيطرة على بعض المقاولات الإعلامية، إما مساهما في رأسمالها أو مقتنيا له بالكامل أو مدعما من بعيد. لكن بعد الانتخابات وبعد أن راقت له فكرة الذباب الإلكتروني و”الطبالجية” سارع للضغط على كثير من وسائل الإعلام قصد إخضاعها لتوجهاته.
وبالطريقة “الناعمة” نفسها وعن طريق الإغراء والضغط والإخضاع تسنى له أن يجمع “كرموس” الإعلام في “شريط” واحد، إلا بعض الاستثناءات القليلة والنادرة لا حكم له ولا يقاس عليه كما يقول الفقهاء.
وبهذه الطريقة يكون عزيز أخنوش قد قضى على آخر قلعة يمكن أن تقوم بالرقابة على عمل الحكومة، فليس عبثا أن تسمى الصحافة “السلطة الرابعة”، أي السلطة التي لا تخضع لباقي السلط وتراقبها وتكشف اختلالاتها وتوجهها، لكن مع أخنوش جعلها خاضعة لكل سلطته وقد يوظفها ضد السلط الأخرى.
لم يعد هناك تعدد في الخطاب، فالإعلام المسمى “مستقلا” وقع تحت عملية الإخضاع، ومن حاول تم الضغط عليه عن طريق التحكم في الإشهار ودورته الجهنمية، ومن ظل متمسكا بموقفه فسيكون مآله “الموت الطبيعي” يعني “شوية بشوية”، لكن ما غاب عن أخنوش هو قصة “شارل إيبدو” الصحيفة الفرنسية الساخرة، التي لم يكن يخلو عدد منها دون كاريكاتور نقدي للجنرال دوغول، وذات يوم تم منعها فقال دوغول: هذا يوم فرنسي دون ديمقراطية. ويجوز أحيانا المقارنة بين الثرى والثريا ضربا للأمثال.

Exit mobile version