Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

“بلوكاج” قانون حماية الموظفين المبلغين عن الفساد

ارتفعت حدة الاتهامات الموجهة للحكومة بعدم جديتها في مكافحة الفساد، وتعطيلها للتشريعات، امام تراجع و تقهقر المغرب في مؤشر إدراك الفساد، وتأكيد تقارير وطنية ودولية على استفحال الظاهرة، والضعف البين في محاربتها، حيث وجهت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي سؤالا كتابيا لوزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بخصوص مآل مشروع القانون المتعلق بحماية الموظفين العموميين المبلغين عن أفعال الفساد بالإدارات العمومية.
وتوقف السؤال على تصريح الوزارة في تقرير الحصيلة السنوية لسنة 2021 بأنه تم إعداد صيغة لمشروع قانون رقم 61.20 بشأن حماية الموظفين العموميين المبلغين عن أفعال الفساد بالإدارات العمومية وإحالتها على الأمانة العامة للحكومة في شهر ماي من نفس السنة، لكن مصير هذا المشروع لا يزال مجهولا لليوم.
وأشارت التامني إلى أن الوزارة أكدت في حينه أن هذا المشروع يأتي في إطار المساهمة في الجهود المبذولة لملاءمة التشريعات الوطنية مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وسعياً إلى تثمين السلوكيات المهنية الإيجابية بالإدارات العمومية من أجل تكريس مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة، داعية إلى الكشف عن مآل هذا المشروع.
و سبق للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن دعت إلى مراجعــة المقتضيــات التشريعيــة لحماية المبلغين عن الفساد، من أجل تشـجيع المواطن والموظف بشـكل خـاص عـلى القيـام بواجبهـم في التبليـغ عـن الفسـاد بـكل حريـة وشـعور بالأمان.
ورصدت الهيئة في تقاريرها الضعف الكبير في تبليغ الموظفين عن الفساد بالإدارات العمومية، مبرزة وجود عدة معيقات تحول دون ذلك، من بينها الخوف من الضغوطات ومختلف أشكال الانتقام، وضعف التأطير التشريعي للتبليغ، وضعف توفير حماية متكاملة للمبلغين، وتوصي الهيئة الوطنية بعـدم متابعـة الموظفـين، سـواء تأديبيـا أو جنائيـا، عـى أسـاس إفشـاء السـر المهنـي، إذا بلغـوا عـن أفعـال الفسـاد التـي تصـل إلى علمهـم أثنـاء مزاولتهـم لمهامهـم.

وكان محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام ، كشف أن المغاربة يطمحون لتجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، ويريدون أيضا محاكمة لصوص المال العام واسترجاع الأموال المنهوبة، وأكد الغلوسي، أن التكلفة السنوية للفساد في المغرب تصل إلى 50 مليار درهم، الشيء الذي يهدد الدولة والمجتمع.
وأشار أن المغرب يعيش على وقع التناقضات لأن 10%من المغاربة فقط يستحوذون على 63% من الثروة، فيما 4,3 مليون شاب وشابة خارج المدرسة ولا يشتغلون، وتساءل الغلوسي إلى أين نسير؟ وماذا أعددنا للأجيال القادمة؟ مشددا على ضرورة استنفار كل الجهود لمواجهة الخطر الداهم المتمثل في الفساد.
وسجل أن المغرب يحتل الرتبة 97 عالميا من أصل 180 دولة على مستوى مؤشر إدراك الفساد، و الرتبة 123 على مستوى التنمية البشرية، مؤكدا على ضرورة مواجهة هذا الوضع بوضع ترسانة قانونية فعالة لمواجهة الفساد والاغتناء غير المشروع، ونهب المال العام.
وعلى صعيد آخر، واصل الغلوسي انتقاده للأحزاب التي خرجت للدفاع عن “ريع” الدراسات، مشيرا أنه بالأمس القريب كانت الأحزاب السياسية مدرسة في التأطير والتكوين والتثقيف، والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة، لكن اليوم تغير كل شيء ورأينا أحزابا تتنافس حول الريع والرشوة، وتبيع التزكيات وتفوت المال العام للمقربين، تحت مسمى صفقات الدراسات والأبحاث وترفض إرجاع الأموال العمومية لخزينة الدولة.

وكانت منظمة ترانسبرانسي المغرب، اعتبرت أن المساهمة الإبرائية المنصوص عليها في قانون المالية لسنة 2024، في السياق الحالي الذي يهيمن عليه “الفساد المنتشر”، تكريس رسمي لـ”تراكم الثروات ذات المصدر المشكوك فيه وغسل الأموال”، وأكدت المنظمة ذاتها، في بيان لمكتبها التنفيذي، أن هذا الإجراء “يتعارض مع توصيات اللقاءات الوطنية حول إصلاح منظومة الضرائب، التي نظمت سنة 2019، والقانون الإطار حول الإصلاح الضريبي، المعتمد في 2021، والذي يهدف في أحد محاوره الرئيسية إلى إرساء نظام ضريبي شفاف وضامن لمساواة المواطنين أمام القانون”.
وفي مواجهة تكرار هذه الممارسة، التي “لا تميز بين الطبيعة المشروعة وغير المشروعة لحيازة الأصول أو الممتلكات غير المعلن عنها ولا وضعها الضريبي”، شددت الهيئة نفسها على خطر “التكريس الرسمي للإفلات من العقاب بشكل عام والإفلات من العقاب الضريبي بشكل خاص”، مبرزة أن “عدم الكشف عن هوية الأشخاص المعنيين الذي تضمنه الدولة في هذا الإجراء يتناقض بشكل صارخ مع القانون الجنائي ويشجع عمليات غسيل الأموال وإخفاء وضعيات الإثراء غير المشروع”.
وأفادت “ترانسبرانسي” بأن المغرب مطالب بتفعيل الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد التي اعتبرت استرجاع الأموال المهربة “مبدأ أساسيا”، وأنه يتعين على الدول الأطراف ممارسة “أقصى قدر من التعاون في هذا الصدد، لأن الفساد الكبير لا يمكن مكافحته إلا من خلال تدابير دولية منسقة مبنية على إرادة سياسية قوية لأصحاب القرار، من خلال تسهيل الإجراءات المدنية والإدارية، والاعتراف بأحكام المصادرة الصادرة عن سلطة قضائية أجنبية وتنفيذها، وإعادة الممتلكات إلى الدول التي تطلبها في حالة اختلاس أموال عامة أو جرائم فساد أخرى، وإعادة الممتلكات إلى أصحابها الشرعيين وتعويض الضحايا”.
و ذهبت المنظمة إلى أن مشروعية العمليتين الأولى والثانية للإبراء كانت مرتبطة بالالتزام الرسمي بأن المغرب “منخرط بحزم في برنامج تبادل المعلومات المالية والعقارية مع الدول التي يتعامل معها، وبأن كل من لا يقوم بتسوية وضعيته باستغلال العمليات الإبرائية سينال جزاءه القانوني من ذعائر مبلغها خمس مرات قيمة الأموال والأصول والعقارات الموجودة في وضعية غير قانونية، بالإضافة إلى ما قد ينتج عن التحقيقات من تبعات جنائية”.
وزاد المصدر “إلا أنه تم تناسي هذا الوعد”، في مشروع قانون مالية السنة الجارية، و”مازلنا نطلع عند كل تحقيق دولي على أن مبالغ مالية طائلة تغادر المغرب دون شفافية ولا ضمانات باحترامها القانون، وفي صمت إن لم يكن تواطؤ الجهات المكلفة بإعمال القانون”.
كما أوضح البيان أنه في أقل من عشر سنوات تم اعتماد مسطرة للمساهمة الإبرائية ثلاث مرات، آخرها عام 2024، فيما يتعلق هذا النظام بالدرجة الأولى بالأفراد الذاتيين المقيمين بالمغرب الذين يملكون أصولا وممتلكات في الخارج غير معلن عنها للأغراض الضريبية وغيرها.
ويسمح النظام لهؤلاء الأشخاص بـ”تسوية وضعهم الضريبي والقانوني من خلال الإعلان عن الأصول المذكورة ودفع مساهمة قدرها 5% من مبلغ أو قيمة الأصول المعلن عنها”؛ فيما تتعلق الفئة الثانية التي تشملها هذه المسطرة بـ”الأشخاص الذاتيين والمعنويين الذين لديهم إقامة أو موطن ضريبي أو مقر اجتماعي بالمغرب، ولديهم أصول أو ممتلكات بالخارج، بشكل يخالف أنظمة الصرف والتشريع الجبائي”.
وشدد البيان على أن هذا الإجراء يلزم هؤلاء الأشخاص بـ”تحويل الأموال النقدية بالعملات الأجنبية إلى المغرب، وكذلك المنتجات الناتجة عن هذه الأموال، والإعلان عن العقارات المملوكة في الخارج، ودفع مساهمة إبرائية بنسبة 10% من قيمة العقارات المذكورة و2% من مبلغ السيولة بالعملة الأجنبية التي تتم إعادتها إلى الوطن وبيعها في سوق الصرف”.

Exit mobile version