Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بمناسبة الذكرى الخالدة…مسيرة المستقبل الخضراء

من لا يعرف تاريخه لا يعرف مستقبله أما الحاضر فهو مجرد نقطة عبور غير مستقرة. شكلت المسيرة الخضراء حدثا تاريخيا، ينبغي أن يحظى بكثير من الكتابة التاريخية، ونحن نرى أنها لم يتم إعطاؤها حقها في الدرس التربوي، حتى أن الجيل الحالي لا يعرف إلا القليل عنها، بما يعني أننا في حاجة إلى توثيقها بشكل أكبر، فهي حدث عظيم، فبعض الشعوب لديها قضايا أصغر بكثير من حدث المسيرة ومع ذلك تهتم بها بشكل كبير جدا.
غير أن الاهتمام بالتاريخ لا يعني الوقوف عنده، لأننا أبناء المستقبل، ونتطلع إلى ما هو أفضل وأرقى، وعندما نكتب تاريخنا فمن أجل توثيق الخطوات التي توصلنا إلى المستقبل والناظر في التاريخ يرى أن المغرب لما استرجع صحراءه من المحتل الإسباني كانت عبارة عن رمال متحركة مثل هي حركة السياسة فحولها إلى بناء ةوعمران ومشاريع كبيرة، وتحولت التجمعات السكنية الصغيرة إلى حواضر عالمية يحج إليها الناس من كل صوب وحدب.
ارتبطت المسيرة الخضراء ببناء الوطن، وبإعادة النظر في كل شيء، حيث اجتمع في المغرب بناء الوحدة الترابية بالإجماع الوطني والمسلسل الديمقراطي، وما زال صرح بناء الدولة الديمقراطية في المغرب مستمرا عبر تحولات عميقة شملت قانون الأسرة وشملت القوانين كما شملت الدستور باعتباره الوثيقة الأسمى التي يتحاكم إليها المغاربة.
النفس الجدري الذي بواسطته تمت كتابة الدستور أوحت لمن يفهم أن المغرب مقبل على أمور عظيمة في تدبير شؤون الدولة، فرغم أعطاب السياسيين، الذين لم يستوعبوا مفهوم “الصلاحيات” فهناك المؤسسة الملكية تحمي من كل الانزياحات التي قد تقع ودستوريا يعتبر جلالة الملك ضامن استمرار مؤسسات الدولة، لهذا لم تتمكن الأحزاب السياسية من العبث بالمشهد السياسي رغم عدم جديتها.
وشكلت روح المسيرة الخضراء عنوانا وناصية الطريق وعلامات نحو المستقبل، وبفضل الوحدة والإجماع الوطني، الذي خلقته المسيرة العبقرية لجلالة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني، تمكن المغرب من تخطي حواجز وعوائق التنمية، أي إزالة التوترات الاجتماعية، التي كان يعيشها المغرب بفعل سوء الفهم الكبير بين الدولة ومؤسساتها والأحزاب السياسية والنقابات، وشكل الإجماع الوطني والمسلسل الديمقراطي والسلم الاجتماعي ثالوثا مهما نحو البناء والانطلاق نحو المستقبل، ودائما نحن البلد الذي يراجعه ذاته ويقدم النقد الذاتي.
ففي كثير من اللحظات وفي عدد من الخطابات نرى جلالة الملك ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية، حيث تساءل ذات يوم عن “الثروة؟” باعتبار أن المغرب يعرف إنتاجا ملحوظا وجيدا، لكنه رغم ذلك لا تصل الثروة إلى كل المواطنين، وانتقد جلالته كثيرا من الأمور وعلى رأسها عرقلة الاستثمار، فالنقد الذاتي عملية بناءة ولا يخاف منها المغرب.
فنحن لنا مزاج خاص في هذه البلاد وهو مزاج مختلف بواسطته ندير أمورنا السياسية وعلاقاتنا الدولية ونتطلع إلى بناء المستقبل.

Exit mobile version