وجه نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، انتقادات لاذعة إلى الأطراف السياسية التي تسببت في إفشال مبادرة تقديم ملتمس الرقابة ضد حكومة عزيز أخنوش، واصفًا ما جرى بأنه “فشل مؤسف نتيجة حسابات تافهة وشكلية”، وأدى، بحسب تعبيره، إلى تقديم “هدية سياسية مجانية” للحكومة التي كانت على وشك التعرض لأول اختبار مؤسساتي جدي داخل البرلمان.
وقال بنعبد الله، خلال كلمته أمام الدورة السادسة للجنة المركزية لحزبه، إن “مبادرة ملتمس الرقابة تم إجهاضها بشكل مؤسف وغير مفهوم”، مشددًا على أن حزب التقدم والاشتراكية تعامل مع الخطوة بـ”روح مسؤولة”، واضعًا “جوهر النقاش السياسي فوق مسألة من يضع اسمه على الوثيقة”.
وأضاف الأمين العام أن هذه المبادرة، لو اكتملت، كانت ستشكل لحظة سياسية فارقة تُتيح فتح نقاش عمومي ومؤسساتي واسع حول حصيلة الحكومة في منتصف ولايتها، كما كانت ستمكن الحكومة نفسها من الدفاع عن اختياراتها والرد على الانتقادات من موقع مؤسساتي شفاف.
ولم يُخفِ بنعبد الله استياءه من بعض مواقف المعارضة التي وصفها بـ”اللامبدئية والسطحية”، والتي أجهضت إمكانية خلق تقاطعات مسؤولة داخل قبة البرلمان، قائلا: “لقد بذلنا كل ما بوسعنا لتوحيد صفوف المعارضة، لكننا فوجئنا بسلوكيات تعكس غياب النضج السياسي”.
واعتبر أن “الحكومة أفلتت من مساءلة مؤسساتية كانت لتكون مدوية، ليس بسبب مناعتها أو إنجازاتها، بل بسبب ارتباك المعارضة”، مضيفًا أن بعض ردود الفعل والبيانات التي صدرت عقب فشل المبادرة تعكس “محاولات بئيسة لتحوير الحقائق والتملص من المسؤولية”.
ورغم هذه النكسة، شدد بنعبد الله على أن حزبه سيواصل أداء دوره الدستوري كقوة معارضة “جريئة ومسؤولة، من داخل البرلمان وخارجه”، مستطردًا: “لسنا من هواة المناورات أو الانتهازية، ومواقفنا ليست موجهة ضد الحكومة من منطلق عداء سياسي، بل من التزام وطني بإصلاح ما يمكن إصلاحه”.
وأكد بنعبد الله أن الحزب أعطى للحكومة فرصتها في بداية الولاية، لكنه خلص إلى أنها “فشلت على جميع الأصعدة، وتغولت في تضارب المصالح، وتجاهلت البرلمان، وتواصل تحضيرها للعودة في انتخابات 2026 بنفس الأدوات الفاسدة والممارسات المتعالية”.
وتأتي هذه التصريحات في سياق يتسم بتراجع نسق التنسيق بين مكونات المعارضة، وسط تساؤلات عميقة حول قدرتها على تأطير النقاش السياسي في ظل ما يصفه مراقبون بـ”تفوق مريح للحكومة في غياب معارضة موحدة وقوية”.