Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بنكيران يتهم.. فمن يحقق؟

أطلق عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، نيران مدفعيته على الأغلبية، التي تشكل غالبية نواب البرلمان وتقود الحكومة، ووجه إليها اتهامات خطيرة، واعتبر أن 8 شتنبر، تاريخ الانتخابات، الذي كان حزينا وقاسيا على حزبه، نتجت عنه أغلبية ترى أن “المسؤولية العامة والانتدابية تساوي الانتفاع والأخذ والجمع والإكثار من الأرصدة، ومنهم من يصبح من ذوي الأراضي والثروات البنكية في بضع سنين”.
بنكيران لم يكن في مجلس نميمة خاص، ولكنه كان يخاطب شبيبة حزبه، التي عقدت مؤتمرها الوطني، وخطابه تناقلته وسائل الإعلام ونشره موقع الحزب الرسمي، ولم يبق أحد لم يسمع بما قاله، خصوصا وأن كلماته، التي يبثها مباشرة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تلقى إقبالا كبيرا، وهذا يحتم التعامل مع كلامه بشكل مختلف.
سكوت الحكومة يعني أن ما قاله يحمل جزءا من الصواب ولهذا لم تستطع مواجهته بالحقيقة، وإلا فإن القواعد الديمقراطية تفرض وضع حد لهذه الأمور، سواء بالتأكيد عليها أو اعتبارها مجرد إشاعات صادرة عن شخص معارض للحكومة، لكن البقاء على هذه الحال مضر بالعملية الديمقراطية بشكل كبير جدا.
في البداية لابد من التأكيد على أن بنكيران يطرق بابا ينبغي ولوجه بقوة وإلا سوف يتحول إلى مجرد لعبة انتخابية، فإذا كان صادقا فيما يقول، وهو يتوفر على تنظيم حزبي ممتد في نواحي المغرب، لن يكشف عن الحقائق بالوثائق بل أن يقدمها للنيابة العامة، ليأخذ كل واحد جزاءه أو على الأقل يكون قد أبرأ ذمته.
لكن المواطن المتابع لحياة السياسيين والحياة السياسية، يفترض أن بنكيران، مجرد رجل يضرب بالحجر في كل اتجاه، لكن هذا اتهام خطير، إذا لم يتم التحقيق فيه لمعرفة خباياه فنحن أمام كارثة سياسية تفقد المشهد آخر جرعة بقيت من المصداقية فيه، فمن سيصدق بعد اليوم أن الانتخابات معقولة وضرورية، إذا كانت توصل إلى الأغلبية فقط من وصفهم بنكيران بالمنتفعين.
التحقيق واجب، ليس طبعا من الحكومة، ولكن من الجهات الدستورية المستقلة المخولة قانونا بذلك، حتى إذا كان كلام بنكيران حقيقيا يأخذ كل واحد العقاب الذي يستحق، ونكون حينها أمام مصداقية للعملية السياسية ودور واع للمعارضة، وإذا لم يكن حقيقيا فليأخذ هو عقابه المستحق، حتى لا يتطاول من لا بينة ولا حجة له.
ما قاله بنكيران خطير والأخطر منه السكوت عنه.
خطورة الأمر هي أن الاتهام موجه للأغلبية، وعندما نتحدث عن الأغلبية نقصد الأغلبية البرلمانية والحكومة الناتجة عنها، بمعنى أننا أمام مشهد متلهف لأكل المال العام بلا حق، وبالتالي يتطلب الأمر وقف النزيف على الأقل، وإما أن المتحدث مجرد متلاعب لغواني في السياسة وينبغي إيقافه عند حده. على أية حال ضرورة أخذ هذا الكلام محل الجد لا مندوحة عنها وإلا سينهار المشهد السياسي.

Exit mobile version