Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بنموسى والمعادلة السهلة

رصد التقرير، الذي أصدره المجلس الأعلى للتعليم، حول وضعية المدرسة والمدرس والتلميذ في المغرب، اختلالات كبيرة، لا يمكن وصفها إلا بأننا أمام وضعية كارثية يكاد معها التعليم يغرق بشكل يستحيل إنقاذه، وينطبق على واقع التعليم كما جاء في التقرير، الصادر عن مؤسسة رسمية، “فين ضربتي لقرع يسيل دمو”. واقع المدرسة يمثل بؤسا كبيرا يتطلب من المسؤولين أن يسهروا الليل والنهار من أجل البحث عن حلول جذرية، فمجرد قراءة عمودية للتقرير “تطير الغمضة من العين”، لكن الحكومة لها رأي آخر غير رأينا.
التقرير وقف على اختلالات في البنيات التحتية، حيث تشجع المدارس على عدم التمدن، بالنظر لأن نسبة كبيرة من التلاميذ توجد في مدارس لا تتوفر فيها بنية تطهيرية أو متهالكة وغير صالحة للاستعمال، وكلما اشتدت مظاهر اللا تمدن تقهقر التلميذ وازداد عنفا. وأغلب التلاميذ يصلون بصعوبة للمدارس وأغلب الأساتذة يقطنون بعيدا عن أماكن العمل.
التقرير وقف عند المستوى التعليمي واعتبره كارثيا، حيث إن درجات الاستيعاب ضعيفة للغاية وخصوصا في اللغات الأجنبية والرياضيات والفيزياء، بل يمكن إجمالها في كل شيء. ويمكن إن واصلنا الحديث حول التعليم فسوف نقف على الخطورة الكبيرة للواقع.
أمام هذا التقرير، الذي أنجزته مؤسسة عمومية يتم تمويلها من أموال الشعب، كان على الحكومة أن تقف وقفة للتأمل قصد البحث عن مخرج. بدون تعليم لن نرقى وحتى النموذج التنموي المأمول لن نستطيع تنفيذه دون دعم قوي للتعليم، لكن الحكومة بما أنها “تجمع للمصالح الكبرى” فلا يهمها من التعليم إلا الربح، ولكن سنخسر الوطن.
شكيب بنموسى هو الشخص الذي أشرف على النموذج التنموي وهو الذي اقترحه عزيز أخنوش وزيرا مكلفا بقطاع التربية والتعليم، وكان مفروضا أن يبحث عن حلول عملية لمشاكل التعليم، لكن بنموسى بعصاه السحرية اختار أسهل الحلول وأبسطها، ولخّص مشاكل التعليم في تسقيف سن ولوج مهنة المدرس.
مهما تكون الدفوعات التي أطلقها الوزير فإن اختزال مشاكل التعليم في عنصر واحد هو ضرب لقيمة المنطق، لأن المعادلة أكبر من ذلك بكثير، ولو طبق بنموسى كل ما أراد وجعل التسقيف في أقل من ذلك بكثير وفرض الانتقاء وفق النقط وهلم جرا من الإجراءات لن يحل المشكل، الذي يمكن وصفه بأنه معادلة صعبة جدا، ومن أجل حلها لابد من توفر جو عام تنخرط فيه كافة الجهات وكافة المتدخلين، ولابد من تنقية الأجواء حتى يندحر الفساد ويعود إلى أرقام صغيرة وحينها يمكن معالجة كل شيء.
معضلة التعليم ليست فقط مرتبطة بالمدرس، وهو طبعا جزء منها خصوصا وأن مستويات التعليم اليوم متدنية، لكن لا ننسى أن مستوى رجل التعليم هو ثمرة للمدرسة في المغرب وليس شيئا نازلا من السماء، ولكنها معضلة مركبة يدخل فيها المدرس والإدارة والوزارة والعائلة والجو العام، وأي بحث عن حلول خارج هذا النسق هو ضحك على الناس.

Exit mobile version