Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بنية أسعار المحروقات…..ليست سرا من أسرار الدولة

يصر عزيز أخنوش على أن ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب واقع مفروض على المغاربة بحد السيف، ولا حق لهم في التنديد به. أما مجرد الاستفسار عن مسببات هذا الارتفاع، فقد أضحى خطّا أحمرَ على المواطنين، في وقت تراجع فيه الثمن الدولي للبترول، ولم يعد داعيا للإبقاء على ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب.
يحدث هذا الإصرار في وقت تصاعدت فيه المطالب الشعبية على صفحات التواصل الاجتماعي بضرورة خفض أسعار المحروقات لتتعدى المغرب إلى باقي العالم، بعدما نجح الفايسبوكيون في تدويل “هاشتاغ الغزوال 7 دراهم – ليصانص 8 دراهم، أخنوش إرْحَلْ” وجعلوه يشقّ طريقه في واجهة الفضاء الأزرق، بتدشينه، أول أمس، المليون الثاني من حيث عدد المطالبين بضرورة خفض أسعار المحروقات.
أمام هذا الاجتياح، توارى أخنوش كعادته عن الأنظار، من دون أدنى مبادرة للتبرير أو تهدئة الوضع، مستصغرا الانتفاضة الفايسبوكية التي سرعان ما تحولت إلى مطالب واقعية بغضب شعبي، أكدتها الشعارات الشعبية الصاخبة في مهرجان تيميتار بأكادير، وبمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، بمناسبة نهائي كأس إفريقيا للسيدات، ليفسح المجال لـ”وجوه” إعلامية وفكرية وسياسية مستفيدة من الوضع، سخَّرت أشداقَها لتكون بصفة “كاري حنكو”، مدافعة عن فشل أخنوش في تدبير ملف المحروقات وارتفاع الأسعار، آخرها كان لرئيس مجلس النواب (زميل أخنوش في الحزب) الذي صب الزيت في نار المطالبة بخفض الأسعار، بنعتهم بالمرضى.
لعل أخنوش ومن معه من المدافعين عن ارتفاع أسعار المحروقات في هذه الظرفية، بمبررات واهية، من قبيل شراء المخزون الطاقي قبل شهرين من تراجع سعره على الصعيد الدولي، يحاولون عبثا استغباء المغاربة الذين يدركون تمام الإدراك أن سعر البرميل على الصعيد الدولي تراجع إلى المستوى الذي كان عليه قبل حرب أوكرانيا، وبالتالي فإن حكومة أخنوش مجبرة على تسعير المحروقات بمستوى يقل عن 10 دراهم التي كانت عليها هذه المحروقات، قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
ما يغيب عن أخنوش وحكومته ومن معهم من المدافعين عن فشلهم في تدبير ملف المحروقات، هو أن المغاربة على إجماع تام بأن أربعة إلى خمسة دراهم في سعر اللتر الواحد من المحروقات غير مبررة، وتعتبر أرباحًا فاحشة لفائدة الفاعلين في القطاع، وعلى رأسهم أخنوش. يغيب عن أخنوش ومن معه أيضا، أن المغاربة على إجماع تام، بأن مستوى الأسعار حاليا غير معقول، وفيه تضارُب المصالح، وأن الاقتصاد الوطني والمجتمع المغربي يعانيان من هذه الوضعية التي لم تعد مقبولة، خصوصا في ظل الإصرار على عدم عودة لاسامير إلى نشاطها، نظرا لقيمتها المضافة في الحياة الطاقية المغربية، ولكونها جزءًا مهمًا من الحل لخفض الأسعار.

الإجماع المغربي لا يتوقف عند المطالبة بخفض أسعار المحروقات، بل يتعداه إلى المطالبة بالإفصاح عن بنية أسعار المحروقات المغربية، بدءًا من عملية الشراء، مرورا بالتخزين والتوزيع وانتهاءً عند البيع بالتقسيط.
ففي انعدام الشفافية التي تكفلها دولة الحق والقانون ، لا يعرف المغاربة أدنى معلومة صغيرة عن بنية أسعار المحروقات، ولدرْءِ كلّ ما من شأنه شكّ، يجب على أخنوش وحكومته وأباطرة المحروقات والمدافعين عنهم، أن يكونوا على درجة من الشفافية، لأن بنية أسعار المحروقات ليست سرا من أسرار الدولة، بل هي معلومات عامة، وعدم الكشف عنها يفتح الباب للعديد من التجاوزات، في إطار تضارُب المصالح التي أدت إلى ارتفاع صاروخي للأسعار مع عدم التفكير في خفضها، ولو كان ذلك على حساب السلم الاجتماعي والاستقرار الداخلي.

Exit mobile version