Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بيضٌ فاسدٌ في قفّة الانتخابات

محمد عفري
في انتظار نتائج الاقتراع غير المباشر لتشكيل مجلس المستشارين، الذي سيكمل عقد انتخابات الثامن من شتنبر ومشهد مرحلة ما بعد تجربة “البيجيدي”، وما سيكون عليه التشريع والمراقبة والسياسة بوجه عام، مازالت دجاجة هذه الانتخابات تبيض بيضها الفاسد الذي يلوّث بيئة تسيير الشأن العام وتدبيره.
لن نكون عدميّين، إذا لابد من أن نعترف بأن الانتخابات الأخيرة، أفرزت للمغرب أغلبية حكومية، لم يكن يتوقعها حتى أصغر الحالمين بغد مشرق لمغرب “رقمي” وصاعد، يتحمل فيه مسؤولية السلطة التنفيذية ثلاثةُ أحزاب، إن كانت تختلف في الرؤى والعراقة والمرجعيات والإيديولوجيات، فإنها تتقارب أكثر في توجهات التسيير الذي يتماشى وخارطة التغيير التي رسمها جلالة الملك للمغرب، ليكون فارضا نفسه ومشعّا في محيطه الإقليمي والقاري، ويتعداه إلى باقي العالم..
لسنا جاحدين أيضًا، إلى درجة أن ننكر أ ن انتخابات الثامن من شتنبر الأخير، بما عليها، أفزرت لنا، في سابقة تاريخية، لمغرب ما بعد الاستقلال، ثلاثَ عُمدات، من الجنس الناعم، على رأس ثلاث مدن كبرى، ويتعلق الأمر بعمدة العاصمة الإدارية؛ الرباط، وعمدة عاصمة المال والأعمال؛ الدار البيضاء الكبرى، وعمدة المدينة الحمراء وقِبْلة السياحة الدولية؛ مراكش، حيث كان في انتخابهن درسٌ بليغٌ في الديمقراطية التي أصبح عليها المغرب في العهد الجديد وللقيمة الاعتبارية التي صارت عليها شقائق الرجال، جنبا إلى جنبهم في تقلد المسؤولية المتنوعة.
لكن، من البيض الفاسد الذي يؤثِّر سلبا في قفة هذه الامتيازات، لابد أن نبدأ بالتصرف غير المحسوب لرئيس الحكومة المنتهية “صلاحيتُه” بالنتائج المخيبة لحزبه في الانتخابات ذاتها، حيث اختفى الدكتور سعد الدين العثماني عن الأنظار، مباشرة بعد الهزيمة، مديرا ظهرَه إلى مسؤوليته “القائمة” كرئيس لحكومة تصريف الأعمال التي ينصّ الدستورُ والقانونُ التنظيمي على استمرارها، من أجل عقد اجتماعات للمجلس الحكومي إلى حين “قيام” الحكومة الجديدة التي تمّ تعيينُ رئيسِها بقوّة النتائج الانتخابية وقوّة الدّستور.
في خضمّ ذِكْر هذا الفساد، وإن كنّا على احترام تامّ للّعبة الدّيمقراطية وللانتخابات وصناديقها الزّجاجية الشّفافة ولكل المؤسّسات، فإنّ “نجاح” تلميذات أو طالبات، في ريعان الشّباب، بمقاعد لمسؤوليات جسام، على رأس جماعات ترابية، أو على رأس مجالس جماعية، فيه ما يثير الجدل، حول أحقّية هاته التلميذات في اقتعاد كراسي التحصيل التربوي والعلمي والمعرفي في أقسام الدراسة بالثانويات والجامعات ومعاهد التكوين المهني، أكثر من أحقيتهن في كراسي شائكة للمسؤولية، تعذَّر على شداد غلاظ النجاح في الجلوس عليها بأريخية للقيام بمسؤولية التدبير و التسيير على أكمل وجه. لن نبالغ إذا قلنا إن مغامرة الزج بتلك التلميذات اللاّئي، بصمن على بوادر الفشل في أول خروج إعلامي، بعد تقلُّد هذه المسؤولية، يشبه إلى حدٍّ ما، مغامرات الفكر الظّلامي الذي يلحّ على زواج القاصرات في سن مبكِّرة، تبدأ من سن التاسعة.
كم أنت ظالمةٌ مجحفة أيتها السّياسة، تناهضين زواج القاصرات باسم حقوق الطفل والمرأة، وتجاهدين في “تحليل” تحميلهن مسؤولية التسيير والتدبير في سنّ مبكّرة جدا.
لن يفوتنا في ذكر البيض الفاسد الذي يملأ قفة انتخابات الثامن من شتنبر، أن نَذكر ما أفرزته هذه الانتخاباتُ من نتيجة غاية في الغرابة، لصالح واحد محكوم بالحبس النافذ، كان متابعا أمام محكمة جرائم الأموال في قضية أشهر من نار على عَلَم، ليُنْتَخَب على رأس أكبر مقاطعة بمراكش مثلا، ولا أن نتفادى ذكْر ما قامت به رئيسةُ جماعة قروية بإقليم الغرب، من توقيع على أمّ الفضائح، فوْر تحمُّلها هذه المسؤولية، حين برمجتْ في أول اجتماع للمجلس الذي تترأسه، نقطتين تتعلقان بالموافقة على قرار التنازل على دعاوى قضائية يتابع فيها شقيقُها، الذي كان رئيسا سابقا للجماعة ذاتها.

Exit mobile version