Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بين الطب الحديث والطب الطبيعي في علاج الأوبئة

(بقلم : حسنى أفاينو)

منذ بدء الخليقة، كابد الإنسان من أجل البقاء، وطو ر أساليب متعددة للحفاظ على سلامة صحته من أجل التمتع بحياة أفضل، وتمكن عبر آلاف السنين من تحقيق تراكم كبير في أساليب معالجة الأمراض والعلل التي تصيبه من خلال استثمار عطاءات الطبيعة من حوله، وابتكاراته، حتى بلغ من التطور العلمي والتقني الذي نشهده اليوم.

لكن بالرغم من التطور اللافت الذي عرفه الطب الحديث، لازالت العديد من المجتمعات تحتفظ بتراثها وثقافتها التقليدية في علاج الأمراض والأوبئة وتلجأ إليها ، خصوصا عندما يقف هذا الطب عاجزا أمام معضلات صحية مثل التي تعيشها البشرية اليوم مع فيروس كورونا .

وأمام الوعي المتزايد بأهمية العودة إلى كل ما هو طبيعي في التغذية كما في العلاج ، أو ما يصطلح عليه ب”الطب التقليدي” (الشعبي) أو “الطب البديل” أو “الطب الطبيعي” ، لا سيما مع تأكد مساوئ استعمال المواد المصنعة والآثار الجانبية للأدوية الكيماوية على صحة الإنسان، تبرز الحاجة اليوم إلى معرفة منافع ومحاذير هذا النوع من التطبيب، وترشيد استعمالاته واستثمار فضائله بما يحفظ صحة الأفراد والمجتمع.

والطب التقليدي (الشعبي)، كما تعرفه منظمة الصحة العالمية ، هو “مجموعة من المعارف والمهارات والممارسات التي تقوم على نظريات ومعتقدات وخبرات تختص بها شتى الثقافات”، تستخدم “في الحفاظ على الصحة وفي الوقاية من الأمراض العضوية والنفسية أو في تشخيصها أو تخفيفها أو علاجها”، وتمتد جذوره لآلاف السنين ، فهو بذلك عريق وراسخ في عدة مناطق من العالم كإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها.

وحول الفروق الكامنة بين الطب التقليدي الطبيعي والطب الحديث، أوضح الدكتور محمد خليل، وهو طبيب يجمع بين الطب الحديث والطب التقليدي الصيني، وكان من أوائل الطلبة المغاربة الذين درسوا بكلية الطب بالصين، أن الفرق يكمن في النظريات ووسائل العلاج ، موضحا أن الطب التقليدي عموما يستعمل العلاجات بالأعشاب وعددا من الوسائل التقليدية التي تختلف من بلد لآخر، والتي أثبتت فعاليتها عبر تجارب وممارسات الشعوب خلال بحثها عن علاجات لعدد من الأمراض والأوبئة.

ومن منطلق تخصصه، بي ن الدكتور خليل في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن الطب التقليدي الصيني ينظر إلى الإنسان كوحدة متكاملة، ويقوم على نظرية الطاقة داخل الجسم، بحيث إن أي اختلال في توازنها يسبب المرض، فهو بالتالي طب وقائي وعلاجي يشتغل على إعادة هذا التوازن بكيفية شاملة، مستعملا وسائل وعلاجات طبيعية، لا تترك آثارا جانبية في الغالب، كالوخز بالإبر الصينية والحجامة والعلاج بالتدليك والكاسات الفارغة والأعشاب الطبية والمنتوجات الحيوانية وغيرها.

وأبرز الدكتور خليل في المقابل، أن الطب الغربي ينظر إلى الإنسان نظرة تجزيئية، حيث يركز على المكان المصاب بالمرض في الجسم، ويعتمد العلاج بالأدوية الكيماوية التي لا تخلو من آثار جانبية قد تصل إلى الوفاة، لكنه ناجح في علاج بعض الأمراض التي تستوجب الجراحة، وكذا كثير من أنواع التعفنات والأمراض التي تسببها الميكروبات وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة التي تضر بجسد الإنسان.

وخلص الدكتور المخضرم إلى أن كلا الطبين لهما مجالاتهما و”لا يمكن أن نفضل طبا عن طب، بل هما متكاملان”، مشيرا إلى أن استعمالهما معا في بعض الحالات المرضية يعطي نتائج أفضل.

Exit mobile version