Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

بين غالٍ ورخيص..

محمد عفري

دخل مشروع قانون مالية 2023 مراحله الأخيرة للمصادقة عليه ليصبح قانونا ملزما.. ودخل “هاشتاغ ” المطالبة بتخفيض الغازوال والديزل مرحلة “البُرود ” الحماسي، على الرغم من تضرر المواطنين من ارتفاع أسعار هاتين المادتين الأساسيتين من المحروقات في المعيش اليومي للمواطنين، وتأثيرهما على أسعار باقي المواد الاستهلاكية، وفي مقدمتها المواد الغذائية..
في المرحلة الأخيرة التي اشتدت فيها المطالبة بتخفيض سعر المحروقات المغربية، تأرجح السعر الدولي للنفط بين الارتفاع والانخفاض، وما أكثر الانخفاض وما أقل الارتفاع؛ ومع ذلك ظلت حكومة أخنوش بارعة في “ضْريبْ الطّم” تُجاه هذه الإشكالية، متفوقة في التسويف والمراوغة (بعدما برعت في رفع شعار “الله غالب”، جهارا، مع بداية تحمل مسؤوليتها)، كما ظلت مبادراتها مُغرِّدة خارج سرب مصلحة المواطن..
.. وكما اتضح ألاّ تخفيض يلوح في الوقت الراهن؛ أكدت المؤشرات، ألا تخفيض في سعر هاتين المادتين يلوح في المستقبل القريب، فالأحرى أن تعود هذه المحروقات إلى سابق سعرها من ذي قبل (بين 7 و8 دراهم للتر)، خصوصا أن مشروع مالية 2023، اعتمد في إنجازه على ظرفية دولية متأزمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وسقف دولي لسعر النفط هو الأغلى، وتداعيات موسم فلاحي كارتي، بتأثير مُجحف على القطاعات الثلاثة لأنشطة الاقتصاد الوطني(الفلاحة والصادرات والصناعة والخدمات)، ونمو اقتصادي ضعيف وإرهاصات موسم فلاحي جديد بنفس الإكراهات، مع ركود كبير في الطلب الدولي على المنتوج المغربي المتنوع..
للنجاح في إخماد” الثورة” الفيسبوكية على ارتفاع أثمان المحروقات، برعت حكومة أخنوش في تكريس التفاهة على الواقع، كما على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت هي الملاذ والمعيار أمام صمت غالبية الإعلام، حيث قيل، بسبب صمته هذا، إنه متواطئ وفي رواية أخرى، قيل إنه “رخيص” في عز غلاء أسعار المحروقات.
من حُسن حظ أخنوش وحكومته أن الظرفية مواتية لإخماد كل ما من شأنه أن يعكر صفوهما وأن السنة سنة مونديال، والمخدر الأساسي للمواطنين، يعني كرة القدم الوطنية، في “أوجه”، من حيث إن المنتخب المغربي مؤهل إلى هذا المونديال في قطر، وأن بال السواد الأعظم من المواطنين في تركيز تام مع هذا المنتخب ومدربه وعناصره التي تؤثثه والتي تغيب عنه، أكثر من تركيزهم على ارتفاع أسعار المحروقات وتداعياتها، أو من تركيزهم على ضنك الحياة، و”لمْن تْعاوْد زابُورْكْ يا داود”..
الوضعية مواتية، وغالبية المغاربة ألفوا الاستغلال والاستبداد والاستعباد، واستمرؤوا الحيف، بل استمرؤوا الزيادة في كل الأسعار والإبقاء على الأجور، وكأنّ في حقهم، لوحدهم، قيل “لا حياة لمن تنادي”.
لحسن حظ أخنوش وحكومته أيضا، أن لهما في الحاشية وفي “البطانة الصالحة” من يفتي فيهم بزرع التفاهة في أسمى دركاتها بيننا، ويملي عليهما أن يبعثا فينا، (بحد السيف)، باسم الفن والثقافة، طوطو وإخوانه وأمثاله من رواد الإباحية، لينشروا فينا ما بدا لهم من عُهرهم اللفظي والحركي و”الميمي”، وجميعنا صمّ بكم عُمْيٌ..
لا أحد من الشعراء والروائيين والسينمائيين والفنانين والمفكرين، إذن، بات يملأ أعين المغاربة، مثل ما يملؤها معتوهون مخبولون ومدمنون على نشر التفاهات على خشبات الفضاءات والمسارح وعلى منصات اليوتوب والتيك توك وأخواتها من منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
لم يكتف أخنوش وحكومته بالطراكس و”إيكش إيكوان” و”نيبا” و”كارديشان المغربية”، واللائحة طويلة، ليبعثا فينا الجيل الجديد من التافهين، ويغيّبا عن مسامعنا وأبصارنا، النجوم المغاربة الحقيقيين، من أمثال مخترع بطاريات الليثوم والمساهم في اللقاح المضاد لوباء كورونا وعالمة الفيزياء النووي ومِسبار الفضاء في نازا الأمريكية وغيرهم ممن يمكنهم أن يكونوا محط افتخار وقدوة لأبنائنا.
كل ذلك من أجل إلهاء أصوات المطالبة بتخفيض أسعار المحروقات وإجهاض كل “ثورة”، ولو كانت ناعمة، وبالعالم الافتراضي، ليستمروا في فعل كل ما أرادوا فينا..

Exit mobile version