Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

تاريخ الأمة المغربية…إلى الذي قال “إنه جاء لتغيير تاريخ الأمة”

تاريخ الأمة المغربية مركب ولا يمكن أن يزعم أحد أنه يمكنه أن يصنعه بإرادته من خلال تأسيس حزب سياسي. الطفرات التي يعرفها التاريخ تكون ثمرة مجهود جماعي وتحولات كبرى وبصمات قادة وزعماء وفي المغرب تظهر بصمات الملوك، وخصوصا جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني وجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، فقد كان لانحياز محمد الخامس للحركة الوطنية تأثير عميق على تطور الأحداث التي صنعت الطفرة المتمثلة في الاستقلال.
مرورا بسرعة على تاريخ المغرب لا يمكن بتاتا تجاوز خطاب أجدير لجلالة الملك محمد السادس وإرادة جلالته التغييرية التي صنعت دستور 2011. نعم هذه الطفرات هي ثمرة مجهودات المغاربة بمختلف أطيافهم، لكنها بصمة الملك القائد كانت حاضرة.
لكن أن يزعم رئيس حزب سياسي أنه أسس حزبه ليصنع تاريخ الأمة المغربية فهو واهم ولا يفهم في معنى التاريخ شيء. يقوم التاريخ على التراكمات تم الطفرات، غير أن “البطل” التاريخي، الذي خرج من مرضه لأنه الزعيم الضرورة الذي لا غنى عنه، يريد أن يكون للحزب وظيفة أخرى غير وظيفته الحقيقية، ناسيا أنه لم يكن مؤسسا أصلا، ونحن نتحداه أن يخرج صورة واحدة مع المؤسسين، ونسي أنه يوم انتخابه أمينا عاما قال إنه جاء ليصحح أخطاء النشأة والتأسيس.
التاريخ لا يتوقف عند شخص أو حزب، والحزب في المغرب وظيفته كما يحدده القانون وكما يفرضها القانون، هي أن يكون خاضنة للمواطنين قصد تأطيرهم وتأهيهلهم سياسيا وفرز الأطر، التي تتولى المهام في المجتمع والمؤسسات، وليس من مهامه أن يحدث الطفرات التاريخية، إلا إذا كان الزعيم المريض، شافاه الله، يؤمن بالحزب الثوري الذي سيقلب مؤسسات الدولة والمجتمع سافلها على عاليها.
لم نكن نعرف أن المؤسس “بزز من المؤسسين” للحزب، الذي ما زال يعاني من التباسات الولادة، يشبه لينين والحزب البلشفي الذي قاد الثورة الشيوعية في روسيا القصيرية وغير مجرى التاريخ والعالم.
الزعيم القدوة والضرورة ومن موقع الوزارة ليس بمستطاعه فعل شيء وحتى إذا فعله فهو ما يدخل في إطار التسويات المجتمعية، فكيف يعتقد أنه سيغير التاريخ؟
تاريخ الأمة المغربية أكبر بكثير من زعامة سياسية ساقطة في الدقائق الأخيرة من أجل قيادة حزب سياسي كباقي الأحزاب أو اقل منها شأنا، وتاريخ الأمة المغربية أكبر من زعيم سياسي بنا حملته الانتخابية على انتقاد أخنوش وفجر قضية 17 مليار من أرباح المحروقات وتحالف معه بعد الفوز في الانتخابات.
تاريخ الأمة المغربية صنعته الأمة المغربية بكامل مكوناتها، ويمكن أن يكون الحزب المذكور واحد نمن المكونات “الذرية” للمجتمع ويساهم بشكل “ذري” في التغييرات التي يمكن أن تحصل، أما التحولات الكبرى فهي نتيجة بصمات الملوك والزعماء والقادة ومشاركة جميع مكونات المجتمع ونتيجة الطفرات التي تحدث بين الفينة والأخرى.
مرة كان الجحسن الثاني يستقبل زعماء الأحزاب السياسية فقال واحد منهم، وهو زعيم حقيقي، إن الأحزاب تحمي الملكية، فالتفت الملك عند أحمد كديرة وقال له: اسمع آ السي احمد. واش الأحزاب تحمي الملكية؟ فأجاب بنفسه: الملك يحميها التاريخ والشعب والجيش. طبعا المغعور له لم يقلل من شأن الأحزاب السياسية ودورها في تأطير المجتمع، ولكن أراد أن يعرف كل واحد قدره. إذا كان مطلوبا من الزعماء معرفة قدرهم ماذا نقول عمن ليس زعيما ويريد تغيير تاريخ الأمة المغربية؟

Exit mobile version