سنّ رئيس الحكومة سنة سيئة واتبعه عليها كثير من المسؤولين، فبعد قانون التشدد الضريبي على التجارة الإلكترونية وإلغاء الإعفاء المتعلق بالكميات الصغيرة، أطلقت زوجة رئيس الحكومة منصة للتجارة الرقمية على مستوى إفريقيا، وهو استغلال واضح للمنصب الحكومي في اقتناص المنفعة وتبادلها مع المقربين، من خلال ما يتيحه القانون، ومن خلال استعمال آلية التشريع، التي منحها الدستور عبر طريق “مشاريع القوانين”.
الدستور منح الحكومة صلاحيات كثيرة، لكن من أجل القيام بأدوارها المنوطة بها، لا من أجل تحقيق المنافع الشخصية، وما زال المتابعون للشأن البرلماني يذكرون الوزير الذي مرر بندا في قانون المالية حتى يحظى بإعفاء ضريبي أثناء بيع شركته بالملايير من الدراهم، ولم يمنحها الدستور هذه الصلاحيات كي يقوم وزير بمنح منافع لوزير في أشكال غامضة.
يستشكل البعض بالقانون وبأن العمليات تتم بين مؤسسات ومكاتب ووزارات. وأن أخنوش هو رئيس الحكومة وصدر القانون باسم البرلمان فما العيب أن تستفيد منه زوجته “امرأة الأعمال”. لكنها المستفيدة باعتبارها تتوفر على أكبر منصة في إفريقيا. أو أن مكتبا تابعا لوزير أو مقرب منه استفاد من صفقة مع وزارة.
منطق “عطيني نعطيك” هو السائد، إذ إن بعض الوزراء يلتفون على القوانين، ويؤسسون شركات باسم أناس قريبين منهم دون أن يحملوا نفس الاسم العائلي كالأصهار أو موظفين بالديوان ومستشارين، حتى ترسو صفقات كثيرة على شركاتهم، التي يعود نفعها على الوزير نفسه.
وإذا كان القانون يمنع رؤساء الجهات والأقاليم والجماعات الترابية بربط أية علاقة نفعية مع الجهة أو الإقليم أو الجماعة، التي تم انتخابهم فيها، فإنهم يحتالون على القانون بتبادل المنافع مع نظرائهم بجهات وأقاليم وجماعات أخرى. المنتخب في هذه المنطقة يحمل أدوات مقاولته إلى منطقة أخرى لإنجاز مشاريع على أن تقدم مقاولة منتخب في المنطقة المتوجه إليها بإنجاز مشاريع في المنطقة المتوجه منها.
فضائح تبادل المنافع لم تعد خافية على أحد ومنها ما تحقق فيه الجهات المعنية بالأمر، ومنها ما يصعب التعرف على العلاقة بين المعني بالأمر وصاحب أو صاحبة المقاولة التي استفادت من مشاريع مهمة بالوزارة أو الإدارة أو الجماعة.
هذا المنطق هو الذي يسمى ريعا بمعنى الكلمة. لأن تبادل المنافع يحرم آخرين من المنافسة الشريفة وتحقيق الأرباح، بل أحيانا يتم توزيع ملايين الدراهم بل حتى الملايير على شركات من أجل مشاريع غير طبيعية أو حتى وهمية أحيانا، بل يتم إحداث مشاريع فقط من أجل أن تستفيد شركة المقرب أو المقربة من الوزير.
ميزانيات ضخمة تذهب أدراج الرياح بهذه الطريقة، ويوزع المسؤولون والمنتخبون أموال الشعب بينهم بطرق ملتوية أحيانا لا يتركون أثرا ليسائلهم القانون، بمعنى أنهم يحرمون البلاد من المال ويحرمون القضاء من الوصول إليهم.
لا يمكن أن نتقدم دون القطع مع منطق “تبادل المنافع” المضر بصحة المجتمع السياسية.
تبادل المنافع داخل الحكومة
