تحدثت العديد من المصادر البرلماني، عن تخوفات قياديي حزب العدالة والتنمية،من تمرير تعديلات القانون الجنائي،التي تتضمن تجريم الإثراء الغير المشروع،والتي بسببها اختلفت مواقف الأحزاب السياسية وفرقها البرلمانية ، ومعهم مسؤولين سواء منتخبين أومعينين، ومارسوا ضغوطات وكثفوا الإتصالات مع مقربيهم بالبرلمان والحكومة من أجل مقاومة تمرير هذا التعديل الذي قد يزج بهم في غياهب السجون، لعدم نظافة اليد من المال العام.
وفي قراءة مقتضبة لمتتبعين للشأن العام، وقفت مصادرنا على ثلاث اتجاهات، في مسألة تعديل القانون الجنائي وتضمينه ما يجرم الإثراء الغير المشروع.
موضحة أن اتجاها أولا قبل على مرغما بالمادة لكنه متخوف من مقتضياتها والتي ستجر المشتبه فيهم للسجون،وأنه يتمنى لو تسحب من المشروع بل وقدم تعديلات محتشمة،وهذا الاتجاه يمثله موقف الأغلبية أي حزب العدالة والتنمية،الذي يقود الحكومة ويتمتع بأغلبين الأصوات داخل مجلس النواب،وأنه رفض اعتقال المدانين في قضايا الإثراء غير المشروع بالنظر إلى توفره على عدة رؤساء جماعات وبلديات وعمداء مدن ورؤساء جهات.
فيما أفادت مصادرنا أن الاتجاه الآخر، يقبل بالمادة لكنه يطالب بتوفير الضمانات لتطبيقها وألا يكون السجن إلا بعد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات،وهدا الاتجاه يمثل ويصطف فيه كل من حزب الأصالة والمعاصرة ،وحزب التقدم والاشتراكية .
أما الاتجاه الثالث داخل قبة البرلمان، والذي قبل بالمادة وبالتعديلات المزمع إدخالها على مقتضيات القانون الجنائي، في الشق المتعلق بتجريم الإثراء الغير مشروع،وطالب بسجن المتورط في الإثراء غير المشروع ب 10 سنوات سجنا بالإضافة إلى الغرامة ب10 ملايين دون اشتراط تدخل المجلس الأعلى للحسابات، وهو الإتجاه الذي يتزعمه حزب الاستقلال.
ودخلت على الخط، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبارانسي المغرب” مطالبة بضرورة مراجعة فصول الإثراء غير المشروع ضمن مشروع القانون الجنائي، عبر تعديل الفصل 8-256 من مشروع القانون الجنائي؛ بإعادة التنصيص على العقوبة السجنية وربطها بمصادرة الممتلكات الناتجة عن اختلاس المال العام .
وتشدد الهيئة الحقوقي،على ضرورة مراجعة عقوبة عدم التصريح بالممتلكات موضوع الفصل 262 مكرر وتشديدها والتعجيل باعتماد مشروع تعديل القانون الجنائي، في أفق الإقبال على دراسة مشروع القانون الجنائي المعروض منذ أزيد من أربع سنوات…. تجريم الإثراء غير المشروع ضرورة ملحة لم يعد من المقبول في بلد تفشت فيه الرشوة وتبذير المال العام بشكل مزمن ونسقي أن يظل هذا الاغتناء غير المشروع للموظفين وباقي المؤتمنين على تدبير الشأن العام بدون ردع جنائي”.
واضافت الجمعية،في رسالة لها أن “لا يمكن تجريم الإثراء غير المشروع إلا في إطار المبادئ الأساسية التي ينص عليها القانون ومن خلالها يتم الاعتماد على تتبع ومراقبة الذمة المالية الوسيلة الأكثر ملاءمة وتوازنا لضمان قرينة البراءة والتحلي بالموضوعية من أجل تحريك الدعوى العمومية وإنفاذ القانون”.
وأكدت الجمعية الحقوقية أنه “يجب التمسك بالعقوبة السالبة للحرية اعتبارا لطابعها الردعي على أن تقترن جميع العقوبات الجنائية بمصادرة الممتلكات المكتسبة بصفة غير شرعية لتأكيد الإرادة على توطيد النزاهة في تدبير الشأن العام وسيادة القانون”، قائلة إن: “الترابط القوي بين مراقبة الذمة المالية والوقاية من الإثراء غير المشروع يستلزم حتما إصلاح النظام الحالي التصريح بالممتلكات ومراقبة تطبيقه والمعاقبة على عدم احترامه”.