Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

تدبير الشأن العام وترتيب الأولويات

نعيش هذه الأايام عطلة الصيف وأجواء شهر غشت، حيث يعرف المغرب تنظيم مواسم ومهرجانات ثقافية وفنية، وصلت حد الكثرة، وحتى نكون واضحين فلسنا ضد تنظيم هذه المهرجاننات، كما قد يُفهم مما سنأتي على ذكره، فهي مهمة جدا للترفيه والترويج الثقافي وحتى الدورة الاقتصادية، لكن ألا نكون ضد تنظيم المهرجانات لا يعني ألا نكون ضد تبدير المال العام.
هذه المواسم والمهرجانات، من جهة تستهلك ميزانيات مهمة، وفي غالب الأحيان تغيب عنها الرقابة، بل تكون وسيلة للهف ميزانيات محددة، ومن جهة أخرى فإنها دليل على عدم ترتيب الأولويات، إذ لا يعقل بتاتا أن جماعة ليست بها كهربة وأزقتها مليئة بالحفر وبتم تخصيص ميزانية مهمة جدا لـ”النشاط”، قال ليه آشنو خاص آ العريان قال ليه خاتم أمولاي. ما هذا التصرف والسلوك؟
ترتيب الأولويات من أهم عناصر التدبير السليم للشأن العام، وإذا غاب هذا المنطق غابت الفعالية، وهي الظاهرة الأبرز في تدبير الشأن العام.
لا يقف الأمر عند تدبير الجماعات، ولكن المجالس الإقليمية والجهات، وانتقالا إلى الإدارات والمؤسسات العمومية، وصولا إلى الحكومة والإدارات العليا، فنادرا ما يتم رسم خطة أولويات، وإلا فإن العشوائية هي الطابع الغالب.
في عدد أمس تحدثنا عن النقاش حول الاكتظاظ، وقلنا بأن وزير العدل يهرب من النقاش الحقيقي ذو الأولوية إلى نقاشات هامشية بل إلى مناقشة حقوق المجتمعات المترفة، بينما تقرير المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، يتحدث عن كارثة وطنية قد تأتي على مسار المغرب الحقوقي، ففي الوقت الذي نحتاج فيه إلى سياسة جنائية متطورة وزير العدل يفتح النقلاش حول الحريات الفرضية و”البرتوش”.
وهذا الأمر يمكن أن يقال على كل شيء وعلى كل القطاعات، فعندما نتحدث مثلا عن وزارة الفلاحة نجد أنه تقوم بدعم زراعات تصديرية متسنزفة للفرشة المائية ولا يمكن أن تحقق الأمن الغذائي، وهذه الزراعة يمكن أن تكون تالية بعد تحقيق الأولويات، لأنه من غير المنطقي ترك الأولى لفائدة الثانوي، حيث يمكن القيام بزراعات تصديرية لكن يستفيد منها الجميع دون استنزاف للفرشة المائية.
وما قيل عن الفلاحة يقال عن أي قطاع آخر، حيث يتم تقديم الدعم لقطاعات لا تقدم خدمة عمومية، بينما قطاعات موصوفة وموسومة بالخدمة العمومية لا تحصل سوى على الفتات، الذي يبحثون عن نزعه أيضا، بينما قطاعات أخرى ومجالات متعددة ربحية بشكل كبير يقدم لها الدعم الوفير، وهذا من غياب ترتيب الأولويات.
تدبير الأولويات تبدأ من عمل الحكومة، التي كلما قدمت مشروعا تبين أنه مجرد محاولة للهروب من الواقع، حيث لا نقرأ فيما تقوم به استراتيجية واضحة لولايتها قابلة للتنفيذ وقادرة على تحقيق النتائج وأكثر من ذلك يمكن محاسبتها عليها، فلننظر إلى المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة حول قانون المالية المقبل لنرى الإنشان دون عناوين.

Exit mobile version