تحدث “تقرير احتجاجات الحسيمة”، الذي أنجزه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لأول مرة عن الأخبار المضللة والزائفة “الفايك نيوز” وخطاب الكراهية والعنف الذي ظهر على هامش الاحتجاجات، التي عرفتها الحسيمة ونواحيها، واعتمد المجلس آلية الاستماع كواحدة من أدوات الوصول إلى معطيات مفسرة للحقائق، حيث استمع إلى عائلات المعتقلين، وقدم لهم الدعم خلال كل مراحل المحاكمة وأثناء الاعتقال والتنقل، كما استمع إلى عناصر من القوات العمومية، الذين أصيبوا بجروح أو عانوا من آثارها.
وقال المجلس في تقريره إن هذه الآلية مكنت من تسليط الضوء على زاوية ظلت غير معروفة أو تم تجاهلها من قبل المواطنين، كما مكنت من تقييم وقياس كل الوقائع والادعاءات أو الاتهامات في إطار مقاربة موضوعية، بمنظار يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن الوضعية أو القناعة أو الرأي أو المعتقدات، وفق ما جاء في تقديم التقرير.
واعتبر المجلس في تقريره أن عبارة “أحداث الحسيمة” لا تفي بالغرض كما أن عبارة “حراك الريف” لا تسعف في إنجاز تقرير حقوقي، لأنها مشبعة بشحنة إيديولوجية وسياسية عالية تعكس موقفا مسبقا من الوقائع التي يسعى التقرير إلى توصيفها، كما أن استعمال مفردة الريف اعتداء على الجغرافية لأن الحسيمة ونواحيها لا تمثل سوى جزء من الريف، حسب ما جاء في التقرير، وتواضع المجلس على تسمية تقريره بـ”احتجاجات الحسيمة”.
ورصد المجلس حوالي ستة أشهر من التظاهر السلمي، تم تنظيمها بالنهار كما بالليل، وجابت المسيرات العديد من الشوارع، وتم التظاهر لأول مرة عبر طقطقة الأواني كما تم تنظيم مسيرتين للنساء باللباس الأسود.
وسجل المجلس أن أعمال العنف بدأت بعد أول محاولة اعتصام بنصب خيام بساحة محمد الخامس، حيث خلف تفريقها إصابات مختلفة، وتوالت بعدها أعمال العنف التي تم فيها استعمال الرشق بالحجارة والمقالع وإضرام النار أحيانا، موضحا أنه غالبا ما كانت أعمال العنف تحدث نتيجة لرفض تنفيذ نداءات تفريق التجمهرات وأحيانا بعد الرشق بالحجارة، وفي الكثير من الأحيان كان المحتجون الملثمون هم الذين يبادرون إلى استعمال العنف، الذي كان يخلف إصابات في صفوف القوات العمومية.
ومن بين النقط التي ركز عليها المجلس في رصده لمظاهر العنف قال إنه في أحد الاحتجاجات انسحبت النساء من مقدمة الاحتجاج، ليتركن مكانهن للملثمين الذين بادروا بالرشق بالحجارة. وكانت أعمال العنف تنتهي بإصابات متفاوتة تتخللها توقيفات، وحاصر محتجون مروحية تقل وزراء ومسؤولين بمنطقة إساكن ومنعوها من الإقلاع ورشقوها بالحجارة.
وفي إطار ما وصفه المجلس بالعنف الحاد أو المرحلة الثالثة من الاحتجاج، قال التقرير إن هذا العنف الحاد نتج عن المواجهة بين المحتجين والقوات العمومية لأول مرة في حالة تماس، وسجل أيضا أنه ناتج أحيانا عن هجوم مفاجئ على رجال القوات العمومية دون سياق الاحتجاجات.
وسجلت أعمال العنف الحاد أكثر الإصابات خطورة وأكثر الخسائر تكلفة، بتعبير المجلس، فعلى صعيد الإصابات أدت إلى العجز الدائم عند بعض رجال القوات العمومية. وعلى الصعيد النفسي والاجتماعي شكلت أعمال العنف الحاد صدمات عميقة.
وفي كرونولوجيا الوقائع سجل المجلس أنه يوم 26 مارس 2017 تجمع عدد من التلاميذ من مدينة بني بوعياش وإمزورن وتماسينت، وانطلقوا في مسيرة باتجاه مدينة الحسيمة، وهناك بدأ رشق القوات العمومية بالحجارة، وتواصلت المسيرة وقام عدد منهم بالهجوم على مقر إقامة القوات العمومية بإضرام النار بحافلة للنقل باستخدام الزجاجات الحارقة وإضرام النار في سيارة الشرطة كما سمع دوي انفجار قنينات الغاز بنفس الإقامة، ونتج عن هذه الأحداث العنيفة حروق وكسور وإصابات متفاوتة إضافة إلى وقوع العديد من رجال الشرطة من أعلى سطح البناية عند محاولتهم النجاة.
وسجل المجلس أعمال عنف فجائية عند محاولة اعتقال ناصر الزفزافي، حيث كانت الأزقة خالية في البداية، لكن مجموعة من الأشخاص كانوا متترسين في أسطح المنازل، رجالا ونساء وصغارا، شرعوا في رشق عناصر الأمن بالحجارة من فوق الأسطح. وتحدث التقرير عن وقائع أخرى بما فيها واقعة الشاطئ، التي تم فيها استعمال العنف ضد القوات العمومية.
تقرير “احتجاجات الحسيمة” يرصد الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية
