تحدثت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات في عرضها أمام البرلمان عن عدد الأحزاب السياسية التي قدمت حساباتها، وفصلت في ذلك حول الأحزاب التي قدمت الحسابات في الآجال القانونية وغير القانونية والتي لم تقدم الحساب أصلا (يعني أكلوا المال العام خارج القانون)، وبلغت مصاريف الدولة (المال العام) المقدمة للأحزاب السياسية سنة 2021 حوالي 35 مليارًا مغربية ورقة تنطح أختها، ناهيك عن مصاريف سنوية ودعم وغيره، وهناك مصاريف لم تذهب إلى أوجهها المستحقة ولم تسترجعها المصالح المعنية.
مال كثير يتم صرفه على الأحزاب السياسية، وعلى البرلمان، الذي يضم 500 برلماني بين الغرفتين، ناهيك عن الموظفين والمستشارين، ومال كثير يصرف على المنتخبين في الجهات والأقاليم والمجالس الترابية. ميزانيات بعد عدها تعد ضخمة وكبيرة جدا.
لسنا عدميين لنقول ما الجدوى من ذلك؟ فهذه تكلفة الديمقراطية. أي مشروع يحتاج إلى مصاريف وإن كان الترشيد عملية ممكنة وبالتالي يمكن تقليص الميزانيات المخصصة للعملية الديمقراطية وتوجيهها إلى مرافق أخرى واستحقاقات أخرى.
ترشيد نفقات العملية الديمقراطية مهمة جدا، لأنها من جانب ستخفف الضغط على خزينة الدولة، ومن جهة أخرى لن يطمع حينها في السياسة إلا القليلون، حيث جعل منها البعض حرفة، دون الحديث عمن جعلها بوابة للاغتناء.
تكلفة الديمقراطية ضرورية وهي لا غبار عليها وعلى صرفها في أوجهها الحقيقية، لكن مطلب الترشيد يبقى قائما، غير أن السؤال الجوهري الذي لا يجد جوابا عنه لا في تقارير المجلس الأعلى للحسابات ولا في محاكمات غير شاملة لكل الفاسدين، هو: ما هي النتيجة؟
معيار تقييم أي مشروع مادي أو معنوي أو في ارتباط بينهما هو النتيجة والمردودية. فكما يقول المناطقة: المجهود لا يبرر المضمون. فهناك مجهودات كبيرة وضخمة وجهد جبار تقوم به الدولة من أجل ترسيخ الديمقراطية، لكن الفاعل السياسي مصر على أن يكون المضمون رديئا وسيئا.
فالتكلفة، الكبيرة التي نصرفها على الديمقراطية، لا تعكس على مستوى الترتيب العالمي، ودائما ليس بفعل عمل الدولة، التي وضعت كل الوسائل والأدوات أمام الفاعل السياسي، سواء أكان حزبا أو مؤسسة منتخبة أو حكومة تمثل إرادة الناخبين، لكن الترتيب المرتكس يعود دائما إلى تدخلات هذا الأخير، الذي لا يستوعب أن المغرب قطع أشواطا كبيرة ومتقدمة، وقدم دستورا “ثوريا” في سنة 2011 وأن إرادة جلالة الملك تكمن في ترسيخ مبدإ الديمقراطية والاختيار والانتخاب وإنهاء عصر التعيين وفرض من يدبر شؤوننا.
التراجع الذي يعرفه ترتيب المغرب في المجالات المرتبطة بالاختيار تعود دائما إلى الفاعلين أنفسهم.
كما أن التكلفة الكبيرة التي نقدمها من المال العام للأحزاب السياسية لا تنعكس بتاتا في “جودة” العمل السياسي والحزبي ولا في كفاءة الفاعل السياسي. أحزاب “تلهف” كثيرا من المال لكن لم تقدم لنا كفاءات لتدبير الشأن العام والدليل على ذلك ما قدمته خلال “حكومة الكفاءات” التي يقودها أخنوش
تكلفة الديمقراطية

Image