كان واضحا أن المغرب دخل عهدا جديدا ينتقل فيه من تدبير الشأن العام بما يستجد من وقائع إلى صياغة استراتيجية واضحة بعيدة المدى، كما أن النموذج التنموي الجديد يتطلع إلى بناء مغرب متجدد خلال 15 سنة تتلوها نماذج أخرى، وبالتالي فإن تشكيل الحكومة وهندستها خضعت لمعيار “الاستجابة السريعة” للتوجهات الاستراتيجية والكبرى للمغرب، سواء تعلق الأمر بتقسيمها إلى أقطاب كبرى تتضمن عددا من الوزارات ذات العنوان الواحد، أو من حيث تشكيلتها التي تضمنت أسماء وبروفيلات قادرة على التفاعل مع توجهات المغرب.
لما اختار جلالة الملك محمد السادس أن يكلف لجنة من أجل إنجاز نموذج تنموي جديد للمغرب، تكون خياراته ملزمة للحكومات القادمة، ومنها التي تم تشكيلها اليوم، لم يكن يضع برنامجا للحكومة، وإنما أمر بوضع خيارات كبرى وعلامات الطريق، التي تسير عليها كافة الحكومات ببرامج خاصة، وهكذا تم اليوم اختيار حكومة تجيب على مخرجات النموذج التنموي الجديد.
تجمع الحكومة بين الاهتمام الاقتصادي الكبير المتعلق بالفلاحة والصناعة والسياحة، وكذلك الاهتمام بما هو اجتماعي، وهي التوجهات، التي ينتظرها المغاربة، للخروج من حالة السكون والجمود التي عاشها المغرب اقتصاديا واجتماعيا، وها نحن نعيش لحظة الخروج من الحالة الراهنة، عبر حكومة أبرز عناويها هو الإقلاع، وليس تدبير الشأن العام وإنما الانتقال بالمغرب من وضع إلى وضع، ولهذا كانت الهيكلة متماشية مع النموذج التنموي الجديد.
قطاعات كثيرة تنتظر جرأة قوية من أجل إخراجها من الحالة الراهنة وخصوصا التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والادماج الاقتصادي والاجتماعي. الجرأة المطلوبة هي التي دعت إلى اختيار حكومة بحقائب محددة وأقطاب وزارية دقيقة.
عندما تكون الحكومة قادرة على رؤية علامات الطريق، التي وضعها النموذج التنموي الجديد، سيكون سهلا عليها الاشتغال بمعايير التقدم والقطع مع الأساليب التقليدية في تدبير الشأن العام بل سيتم القطع مع الاستكانة والانتظارية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية.
تكوين الحكومة تحكمت في هندسته الاختيارات الاستراتيجية للمغرب
