Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

تنزيل ورش الحماية الاجتماعية.. بين زخم الشعارات وحقيقة الواقع المعاش

يعد مشروع تعميم الحماية الاجتماعية أحد أكبر القرارات السياسية والاجتماعية تحت حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ويعتبره الخبراء واحد من أهم القرارات منذ استقلال المغرب، كونه، وللمرة الأولى، سيساعد فئات واسعة من الفقراء والمهددين بالهشاشة.

إلى جانب ذلك، عقد العديد من المتتبعين الآمل على هذا المشروع لإنصاف شريحةً واسعة من المواطنين الذين يزاولون مهناً منتظمة، والمحرومون من حقهم في الحماية الاجتماعية.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة أنها نجت في ظرف وجيز، في تنفيذ ‏مجموعة ‏من البرامج الاجتماعية ‏الكبرى، من تعميم التغطية الصحية والدعم ‏‏الاجتماعي ‏المباشر ودعم السكن، تعتبر المعارضة حصيلة الحكومة في هذا المجال صفرية، بل وساهمت في توسيع معدل الفقر والبطالة، وإذا كان هناك نجاح للحكومة فهو نجاح في العناوين وليس المضامين والإجراءات التدبيرية.

المعارضة.. حصيلة صفرية

منذ دخول ورش الحماية الاجتماعية حيز التنفيذ، يشتكي العديد من المواطنين إقصاءهم من الدعم بدعوى ارتفاع المؤشر الاجتماعي والاقتصادي، هذا المؤشر الذي يربط حصول أي أسرة بالدعم من عدمه برقم يُمنح لها في السجل الاجتماعي الموحد بناء على مجموعة من المعطيات الدقيقة التي تتعلق بوضعيتها الاجتماعية والاقتصادية.

هذا الوضع تؤكده بشكل واضح لغة الأرقام الرسمية، التي تشير حسب فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إلى أن أزيد من مليون مواطنة ومواطن مغربي اشتكوا من “إقصائهم” من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر بدعوى ارتفاع المؤشر الاجتماعي.

ويعكس هذا الرقم، ما دأبت أحزاب المعارضة على رفعه في خطاباتها المنتقدة لتنزيل برامج الدعم الحكومي، والتي انتقدت المعايير التي تدخل في حساب هذا المؤشر والتي قد تقصي بعض الأسر لمجرد امتلاكها لبعض اللوازم المنزلية التي لا تعكس بالمرة وضعها الاجتماعي.

وتعتبر المعارضة، أن شعار الحكومة في نجاحها في تنزيل هذا الورش لا وجود لأي أساس له في الواقع، حيث وفي ظل هذه الحكومة ارتفعت معدلات البطالة، وزيادة معدل التضخم، إلى جانب غلاء الأسعار، حيث قفزت العديد من المواد الاستهلاكية إلى مستويات قياسية.

في هذا الصدد، قالت فاطمة التامني برلمانية عن فيدرالية اليسار، في تصريح لجريدة النهار المغربية، إن ورش الحماية وعكس ما تدعيه الحكومة، تبين بالملموس أن تنزيله عرف مجموعة من الاختلالات.

أبرز هذه الاختلالات تضيف التامني، أنها تعتمد على سجل اجتماعي فيه مجموعة من العيوب، حيث يتضمن على معايير موضوعة على مقاس معين، الغرض منها هو تقليص فئة المستفيدين، حيث أصبح الشغل الشاغل الحكومة هو تقليص الفئة عوض التعميم وزيادة العدد،

وتابعت البرلمانية عن فدرالية اليسار، أن العديد من المواطنين والمواطنات المغاربة اشكروا من حرمانهم من الدعم بعدما استفادوا منه في المرحلة الأولى.

واعتبرت المتحدثة، أن تنزيل هذا الورش عرف العديد من الاختلالات التي تبين بأن الحكومة بصدد رفع شعار بدون مضمون حقيقي، ولا تتخذ الإجراءات الحقيقية التي تجيب على انتظارات المغاربة، عنوانها الأكبر شعارات جوفاء بدون ترجمة حقيقية في الواقع.

بدوره، اعتبر حسن أومريبط برلماني عن حزب التقدم والاشتراكية في تصريح للنهار المغربية، أن نجاح هذا ورش الحماية الاحتماعية يوجد فقط في أذهان الحكومة، مبرزا أن ورش الحماية الاجتماعية لديه قواعد وطقوس وتقاليد وأعراف لم تحترمها حكومة عزيز أخنوش.

وذكر البرلماني، أنه إذا ذهبنا لأي مستشفى في المغرب وسألنا أي مواطن مغربي عن وضعية المستشفيات المغربية، وهل تتوفر على جميع الظروف الملائمة للاستشفاء، واصفا الوضعية بالكارثة العظمى.

وشدد رفيق بنعبد الله، أن الحكومة ترفع شعار الدعم المباشر في كل مناسبة، إلا أن واقع هذا الدعم ساء إلى ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب، مشددا أنه في البداية استفاد العديد من المواطنين من الشهر الأول قبل أن يتم حرمانهم في الشهر الثاني بمبرر ارتفاع المـؤشر.

واعتبر المتحدث أن الحكومة نجحت في التسويق الإعلامي لهذا الورش، بهدف دغدغة مشاعر المواطنين، أما الواقع المعاش فبعيد كل البعد عن شعارات الحكومة.

البطالة وزيادة عدد الفقراء

إن الشرط الأول لتحقيق الدولة الاجتماعية الحقيقية يتطلب توفير صحّة جيدة وتعليماً جيداً وسكناً لائقاً، وفي الأساس عمل قار يضمن الكرامة والحد الأدنى من الأجر، لضمان الحد الأدنى من العيش الكريم.

في عهد حكومة أخنوش ارتفعت البطالة بشكل خطير خاصة في أوساط الشباب، وتنتقد أحزاب المعارضة أن الحكومة التزمت مع المغاربة بإحداث مليون منصب شغل في خلال خمس سنوات، إلا أنها فشلت في ذلك.

وارتفع معدل البطالة بشكل غير مسبوق ليقفز من %12.3% في دجنبر 2021 إلى 13.7% في مارس 2024 (%36 في أوساط الشباب) وبلغ عدد العاطلين مليون و 645 ألف شخصاً وبعد أن كان عدد الساكنة النشيطة العاملة في دجنبر 2021 هو 10 ملايين و 772 ألف شخصاً، فقد نزل هذا الرقم في مارس 2024 إلى 10 ملايين و 337 ألف شخصاً، بما يعني أن الاقتصاد الوطني فقد في زمن هذه الحكومة الحالية 435 ألف منصب شغل.

وقفز عدد الشباب الذين يوجدون خارج فضاءات التعليم والشغل والتكوين إلى 4.3 مليون شابا، وانخفض معدل مشاركة النساء في سوق الشغل إلى 18.3.

وبحسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، زاد معدل البطالة في الوسط الحضري من 17.1 بالمائة في الربع الأول 2023، إلى 17.6 بالمائة خلال الربع الأول 2024، كما ارتفعت بطالة بالقرى إلى 6.8 بالمائة صعودا من 5.7 بالمئة على أساس سنوي؛ وبلغت بطالة الشباب في سن 15-24 عاما نحو 35.9 بالمئة”.

وشددت المعطيات، أن سوق العمل المغربية فقدت 159 ألف فرصة عمل بالأرياف خلال الربع الأول من 2024، مقابل إحداث 75 ألف بالوسط الحضري.

الحكومة تدافع عن حصيلتها

خلال تقديم عزيز أخنوش لحصيلة حكومته أمام البرلمان بمجلسيه، بعد مرور نصف عمر ولايتها، دافع رئيس الحكومة بقوة عن نجاح حكومته في تنزيل هذا الورش.

وقال أخنوش إن مشروع الدولة الاجتماعية “ليس شعارات، بل قرارات فعلية وإجراءات ملموسة”، مضيفا أن نصف فترة ولاية حكومته شهدت “تحقيق ثورة اجتماعية غير مسبوقة” على مستوى تعميم مشروع التغطية الصحية الإجبارية.

ونجحت الحكومة بحسب أخنوش، ابتداء من 2022 في تعميم نظام “التأمين الإجباري الأساسي على المرض”، حيث تم نقل المستفيدين سابقا من نظام “راميد إلى نظام التأمين الإجباري، بميزانية تتحملها الدولة وتبلغ 9.5 مليارات درهم سنويا.

وذكر أخنوش أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر من المحطات التاريخية المتميزة التي سيتذكرها كل المغاربة، لافتا الى أنه سيمكن ملايين الأسر المغربية ضعيفة الدخل من الخروج من الهشاشة والتهميش الاجتماعي.

الحكومة وضعت ورش تنزيل الحماية الاجتماعية من بين أولوياتها الكبرى، وأعطته الأهمية الكبرى، واشتغلت بجد ومسؤولية، حيث قطعت أشواط جد مهمة في هذا الورش، سواء على مستوى تنزيل التغطية الاجتماعية الاجبارية أو على مستوى الدعم المباشر.

وعلاقة بالموضوع، قال محمادي توحتوح البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، في تصريح للنهار المغربية، إن الحكومة خصصت دعم سنوي قدر بــ 9.5 مليار درهم سنويا، للمغاربة المنخرطين في “أمو تضامن”، بهدف الاستفادة من جميع الحقوق التي يستفيد منها العمال والأجراء المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وشدد المتحدث، أنه لحدود اليوم، يتوصل أزيد من 3.5 مليون مغربي بالدعم المباشر، الذي لا يقل عن 500 درهم لكل أسرة فقيرة وهشة، لمساعدتها في تجاوز تكاليف المعيشة.

ولفت توحتوح إلى أن هذا الورش ساهم في التخفيف من معاناة المغاربة الذين كانوا يجدون صعوبة في الولوج إلى المستشفيات والحصول على العلاج والأدوية، أصبحوا حاليا يسترجعون مصاريف العلاج والأدوية.

وذكر البرلماني أن هذا الورش كبير، والحكومة نجحت بجدية وكفاءة في تنزيل عنوانيه الكبرى في ظرف زمني قصير، مبرزا أن أي ورش كبير يتطلب وقت ومجهود في تنزيله.

وخلص البرلماني إلى أن الحكومة حققت نتائج جد إيجابية ومهمة، مع معالجة الملاحظات التي قد تصاحب تنزيل هذا الورش، كما كان الحال لدى العمال الحرفيين الذين تراكمت عليهم ديون لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قبل أن تتدخل الحكومة بمرسوم من أجل اعفاءهم من أداء هذه الديون.

حقائق الدولة الاجتماعية

ذكر مصطفى الإبراهيمي، في تصريح للنهار المغربية، أن ورش الحماية الاجتماعية هو ورش ملكي هام، ليس وليد اليوم، انطلق سنة 2002 وتعاقبت عليه 6 حكومات متتالية، مضيفا أن الذي وضع القانون هو عبد الرحمان اليوسفي، وبعد 17 يوما تغيرت الحكومة وجاء ادريس جطو.

وأضاف أن تجربة “الراميد”، انطلقت مع حكومة عباس الفاسي، في جهة تادلة أزيلال وهمت 420 ألف مواطن، قبل أن تأتي حكومة عبد الإله بنكيران وعممت نظام المساعدة الطبية “راميد” سنة 2012 بتعليمات ملكية.

وزاد المتحدث، أن أزمة كوفيد سرعت من تنزيل التغطية الصحية الشاملة والدعم المباشر، وفق قانون إطار وأجندة محددة، إلا أن هذه الحكومة لم تحترم هذه الأجندة، حيث أنه من المفروض أن يستفيد 22 مليون مغربي من التغطية الصحية، بينهم أصحاب المهن الحرة والمستقلة، وكذا الذين تم تحويلهم من “راميد” إلى “أمو تضامن”.

واعتبر المتحدث، أن أخر تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، كشف أن هناك ضعف فيما يتعلق بالمهن الحرة والمستقلين، مبرزا أنه من أصل 11 مليون تم تسجيل فقط 60 في المائة من أصحاب المهن الحرة والمستقلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قصرا، و27 في المائة من هذا الرقم هما الذين أدوا واجبات الانخراط، وفقط 13 في المائة يتوفرون على الحقوق المفتوحة.

وشدد المتحدث، أنه عوض أن يستفيد 11 مليون مغربي من هذا النظام، سنجد في الحقيقة أن هناك 2000 أو 3000 مغربي هما المستفيدين الحقيقيين، وبالتالي هذا فشل ذريع للحكومة.

وذكر البرلماني، أن القوانين المتعلقة بهذه الفئة تم تغييرها ثلاث مرات، هذا التغييرات تفسر ارتباك الحكومة في تنزيل هذا الورش.

وبخصوص “راميد” قال الإبراهيمي، أنه حسب الوثائق الرسمية للحكومة بلغ عدد المستفيدين 18 مليون مغربي ومغربية، إلا أنه تم تقليص عدد المستفيدين إلى 10 مليون في “أمو تضامن”، وتم اقصاء ثمانية ملايين مغربي من هذا النظام.

أزمة التمويل

حسب أرقام الحكومة، تبلغ الكلفة السنوية لتعميم الاستفادة من أنظمة الحماية الاجتماعية 51 مليار درهم، موزعة بين 28 مليار درهم تتأتّى من آلية الاشتراك بالنسبة إلى الأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على المساهمة، و23 مليار درهم يتم تحصيلها في إطار تضامني لتغطية الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم هذه القدرة.

واعتبر العديد من الخبراء أن طبيعة هذا التمويل ستشكل مشاكل كبيرة حول استدامة الإطار المالي لأنظمة الحماية الاجتماعية، وحول الآفاق المستقبلية لموقع الدولة في تدبير السياسات الاجتماعية.

في هذا الصدد، شدد الإبراهيمي أن المشروع وجد مشاكل كبيرة فيما يتعلق بالتمويل، حيث أن هذه المنظومة بدأت بغلاف مالي قدر بـــ 51 مليار درهم، 28 مليار درهم من المساهمات، 23 مليار درهم من طرف الدولة.

وشدد البرلماني، أنه لتجاوز هذه المشاكل لجأت الحكومة للقروض، حيث استفادت من ثلاثة قروض، وهو خرق للمادة 20 من القانون التنظيمي للمالية، لأن هذه المادة تنص على أن القرض يجب أن يكون للاستثمار وليس للتسيير والاستهلاك.

وذكر المتحدث، أن هذا المشكل كان محط ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات الذي حذر الحكومة من خطورة الاقتراض، وطالبها بضرورة البحث عن موارد قارة قادرة على تمويل هذا المشروع بشكل مستدام.

وانتقد البرلماني طريقة الإنفاق، حيث أن الحكومة خصصت 9.5 مليار درهم لــ “أمو تضامن”، حيث كان من المفروض أن يذهب الثلثين من هذه الميزانية للقطاع العمومي، والثلث للقطاع الخاص، إلا أن الواقع بين أن 90  في المائة ذهبت إلى القطاع الخاص على حساب المستشفى العمومي.

من جهتها، قالت فاطمة التامني، برلمانية عن فيدرالية اليسار، في تصريح للنهار المغربية، إن سياسات الحكومة ذاهبة في اتجاه إدخال المغرب نحو المجهول، عنوانها الأبرز إغراق المغرب في المديونية.

وأضافت المتحدثة، أن هذه المديونية وتوجه بيع أملاك الدولة لا يتم تخصيص ايراداتها للاستثمار، بل يتم تخصيصها لدفع النفقات، خاصة إذا استحضرنا خدمة الدين وتكلفتها المالية.

وتابعت البرلمانية، أن الحكومة ذاهبة في اتجاه التخلي عن الخدمات العمومية وبيع أملاك الدولة، من خلال تبني اتجاه الخوصصة، وتشجيع القطاع الخاص الذي عرف نموا قدر بــ 20 في المائة في قطاع التعليم.

وشددت المتحدث، أن نفس الشيء في قطاع الصحة، حيث أصبحت الحكومة تشجع بقوة المصحات الخاصة على النمو والانتشار، وهو ما يفسر تخلي الحكومة عن المرفق العمومي.

واعتبرت البرلمانية، أن الحكومة فتحت أوراش كبرى، وعوض أن تبحث عن مصادر تمويل معقولة لجأت إلى الحلول السهلة، وهي الاقتراض وتفويت أملاك الدولة.

ونبهت البرلمانية، إلى ضرورة الحذر من تبني هذا التوجه، باعتبار أن العديد من الدول لجأت إلى هذه الحلول السهلة ووجدت نفسها أمام أزمة متراكمة من الديون، كما وقع في اليونان أواخر سنة 2009.

إلا جانب ذلك، سادت التخوفات لدى الخبراء من أن تفضي مراجعة أدوار صندوق المقاصّة المغربي، الذي تعتزم الحكومة توجيه نحو آليات مندمجة للحماية الاجتماعية، ما يعني تخصيص الموارد الناتجة عن الرفع التدريجي لدعم الدولة للمواد الغذائية والطاقة لتمويل تدابير الحماية الاجتماعية، وبالتالي المسّ بالقدرة الشرائية للعديد من الأسر المغربية.

هذا يعني حسب الخبراء، أن هذه الفئة لن تقدر على مواجهة غلاء أسعار عدد من المواد المدعومة من قبل صندوق المقاصّة من دون أن يكون لها إمكانية الاستفادة من أي دعم أو استهداف في الوقت نفسه، ما يعني القضاء على الطبقة المتوسطة.

أزمة القطاع الصحي

ففي الوقت الذي كان من المفروض أن يعرف القطاع الصحي اصلاحات بنيوية لإنجاح ورش الحماية الاجتماعية، العكس هو الذي يقع، حيث يتجه القطاع الصحي بالمغرب إلى أزمة كبيرة، بعدما لم تنجح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في إقناع النقابات التي تخوض إضرابا وطنيا منذ أسابيع، في التراجع عن مسارها التصعيدي.

وتعبر النقابات العاملة في القطاع الصحي عن “استغرابها” لما وصفتها بــ ازدواجية خطاب الحكومة التي تدعي بأنها تريد إصلاح عميق للمنظومة الصحية وتعميم التغطية الصحة تنفيذا لورش الحماية الاجتماعية، وفي نفس الوقت تتنكر للركيزة الأساسية للإصلاح وهي الشغيلة الصحية وتتغاضى عن تثمينها وتحفيزها.

وتتهم الشغيلة الصحية الحكومة بتعطيل الخدمات الصحية التي تزيد من معاناة المرتفقين، مشددة على ضرورة تنفيذ الاتفاقات والمحاضر الموقعة مع النقابات في شقها المادي والقانوني، والحفاظ على كل حقوق ومكتسبات مهنيي الصحة بما فيها وضعية موظف عمومي وتدبير الأجور من الميزانية العامة وكل ضمانات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
ومن بين التحديات أيضاً، التي ستواجه تعميم التغطية الصحية، غياب العدالة المجالية بين جهات ومناطق المغرب، بسبب التوزيع غير المتكافئ للمنشآت الطبية، ومعها الأطر العاملة على التراب الوطني، والغياب شبه التام للمستشفيات في عدد كبير من المناطق النائية والبعيدة عن المركز.

هذا الأمر سيجعل الآلاف من سكان هذه المناطق خارج التغطية الصحية، ما داموا غير قادرين على التنقل بعيداً للبحث عن هذه العلاجات، حيث توجد تتمركز المستشفيات الكبرى والمصحات الخاصة، في المدن الكبرى، لا سيما في محور “الجديدة – الدار البيضاء – الرباط – القنيطرة”، كما أن ثلثي المهنيين الصحيين يتمركزون في أربع جهات من المملكة، في حين يتوزع الثلث الباقي على ثماني جهات أخرى.

وتتهم المعارضة، أن الحكومة نساهم في زيادة الاحتقان داخل المستشفيات العمومية وفي كليات الطب، بهدف تشجيع القطاع الخاص على النمو أكثر والاستثمار في هذا المجال.

في هذا الصدد، قال عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إن من يقف خلف أزمة طلبة كليات الطب والصيدلة، يسعى لإفشال ورش الحماية الاجتماعية.

واتهم بووانو الذي كان يتحدث في الاجتماع المشترك للجنتي القطاعات الاجتماعية والتعليم والثقافة والاتصال، القطاع الخاص المستثمر في الصحة، بتأزيم الوضع في كليات الطب والصيدلة، لأنه هو المستفيد، مشددا أن القطاع الخاص في الصحة بات يملك أزيد من ثلث الأسرة المخصصة للمرضى في البلاد.

وأفاد المتحدث، أن طريقة الحكومة في الحوار المتعلق بهذه الأزمة، يكتنف اللبس والغموض، ويظهر أن هناك من سعى لدفع احتجاجات الطلبة إلى الباب المسدود، لكي يتدخل ويستعرض قوة مزعومة، معتبرا أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أصبح جزء من المشكل، وأن هناك من داخل الحكومة، يريد هذا الأمر، يضيف بووانو.

Exit mobile version