Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

توتر علاقة المغرب بألمانيا من المخزون إلى المتغير

بالعودة الى علاقة المغرب بالدول الاوربية من خلال نزاع الصحراء الذي صنعته اوربا نفسها لمنع التطور الذي عرفت به المملكة المغربية عبر التاريخ، حيث تعاملت مع المغرب على أساس السماح لنفسها بنهب الثروات كالثروة السمكية والفلاحية، والكذب على المغرب بمنحه وضعًا متقدمًا في الاتحاد الأوربي، في حين ان وضعه متقدم في التآمر على وحدته الترابية مع الاستفادة من الثروات، والاتفاقيات التي أبرمتها في مجال الفلاحة والصيد البحري، ولم تضع كل بيضها في سلة المغرب في حين طلبت منه ان يعطيها كل بيضه، واحتفظت بتعاملها الإنساني وتقديم المساعدات للانفصاليين من الأرباح التي يجنيها الاتحاد الأوربي من ثروات المغرب والعمل طبقا لمقولة بزيته يقلى، واعتبر المغرب ممسوك بخيط البوليساريو كضمانة للاستمرار في الضغط عليه لتقديم المزيد من التنازلات، وأحيانًا يتم اتلاف المنتوج الزراعي من قبل أوربيين واعتراض الشاحنات والتسبب في خسارة مادية أخرى.

بل وان اقتسام الأدوار بين الدول الاوربية بين محتكر للاقتصاد كفرنسا و مشوش سياسي وأمني كإسبانيا و والملاكم باسم اوربا الذي هو المانيا، اضافة الى منظمات حقوقية وغيرها التي تعزف على القانون وحياة الشعب المغربي للتشهير به وكأن نظام الحكم بالمغرب قاصر عن حكم نفسه بنفسه، وأن الإقليم متنازع عليه، والهدف هو الانتقاص من اركان الدولة في حين كل هذه المعطيات تفسر عمق التآمر على مستقبل البلاد ومنعها من بناء ذاتها ، بل ان اوربا تستعين بمخططات الهدف منها تشتيت الوحدة الافريقية والوحدة المغاربية ونهج سياسة فرق تسود وسياسة التبعية المكرهة.

ان مسألة الوضع المتقدم للمغرب بدون احترام التعهدات، معروفة عند العقليات الألمانية حيث كان هتلر يوقع اتفاقية سلام مع حكومة دولة أوربية على الساعة الثانية عشرة ليلًا وعلى الساعة الثالثة صباحا كان يحتلها.

هكذا تعاملت اوربا مع المغرب بشأن الوضع المتقدم حيث ظهر القناع الذي اخفت به حقيقة حبها لثروات المغرب و كرهها لوحدته الترابية وتنميته وتقدمه، بحيث لم توافق على إخراجه من النزاع لاقتصار اقتصادياتها على استغلال النزاعات وجعل الجاهلين المتحاربين يتوجهون اليها لمنحها قرارات بلدانها مقابل السلاح ومقابل الدعم في المحافل الدولية.

وهنا يجب على الشعب الجزائري ان يتفطن الى ان يد اوربا مبسوطة عليه عن طريق نظام العسكر الذي يمكن الانقلاب عليه في أية لحظة اذا عارض مصالحها اما اذا ظل باسطا يده فان الشعب لن ينعم بالرخاء وبناء الدولة المدنية التي تظهر بمعاييرها المطلوبة والبعيدة عن حكم العسكر ، والدليل هو استدعاء دول تونس والجزائر في مؤتمر برلين حول ليبيا السنة الماضية وتهميش المغرب لكي لا تكون الوحدة المغاربية صورة مكتملة في المؤتمر.

ومن جهة اخرى فألمانيا تشدد في موضوع الهجرة وتريد فقط ثروات بلدان المهاجرين عن طريق الاتحاد الأوربي ، ورغبتها في تحويل المغرب من بلد عبور الى بلد استقرار وإقامة للمهاجرين دون توفير إمكانيات مثل إمكانيات ألمانيا مما يتطلب اعادة النظر في الهجرة والتأكيد على ان الدول المهاجر اليها يجب ان تكون تلك التي نهبت ثروات اوطان المهاجرين وليس دول ضحية التدفق البشري.

وبالنسبة للانفصال، يمكن القول بان اوربا تمنع الانفصال في اسبانيا وفي فرنسا وفي المانيا التي وحدت الألمانيتين لتقوية البلاد ومستقبل الشعب الألماني بينما المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا …. فتريد لها التقسيم والانفصال بادعاءات لا تاريخ ولا قانون ولا واقع ولا منطق لها ما عدا منطق التضليل وإفراغ النفايات الفكرية في شعوب أضلت طريق العلم والمعرفة والبناء بالتعليم والنهضة الجادة.

ومع وجود ثقافة أوربية غير متسامحة مع ثقافة الغير فانها تلجأ الى الحكم على من يخالفها اًو ينتقدها بنعوتات متناقضة مع أسس الديمقراطية التي تدعيها، وعليه مستحيل ان تنقل الدول فيما بينها المنافع لأسباب إنسانية أو حضارية وذلك بشهادة التاريخ. وما تحبه حكومة المانيا لشعبها لا يمكنها ان تحبه لغيرها، وهو عكس الذي تتميز به ثقافة الدول الافريقية التي ترى في التسامح والاعتدال آليات لاقتسام المشترك الكوني ودون تعصب مثل المغرب.

هذا ويعتبر العمل الديبلوماسي الذي لا يستهدف الوحدة الترابية للدول ولا يعكر العلاقات هو العمل الذي يلقى احتراما واعترافا من قبل الشعوب، عكس تماما العمل الديبلوماسي المصحوب بالتآمر وخداع وضرب مصالح الدول والاعتراض على حقوقها، فإما ان تكون العلاقة مبنية على التعاون وعلى الاحترام وإما إيقاف الاتصال لان عدو ظاهر خير من عدو خفي .

ونظرًا لان ديبلوماسية المغرب عريقة فعليه تتفوق على ذكاء المانيا من خلال تفهمها وتجنبها اللجوء الى اعتماد قرار طرد السفير او التقدم بشكاية الى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بتدخلها في شؤون المغرب الداخلية …..الخ.

ان المانيا الملاكم الأوربي احست بان المغرب لم يعد تحت رحمة اوربا ، وإنما انتقل الى مستوى الأهلية التي تسمح له بالدفاع عن نفسه امام المجتمع الدولي، وأنه يدافع عن دول الجنوب، بالإضافة الى اقرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وتخصيص ملايير الدولارات من صندوق امريكا للتنمية لفائدة ساكنة الاقاليم الجنوبية وباقي سكان التراب الوطني، كل هذا أبان عن قفزة المغرب نحو الاستثمار والاستفادة المفتوحة في وجه الدول الراغبة في التعاون، بعيدا عن منطق اوربا الذي يرتكن دائما الى مؤتمر برلين 1885 والذي يشرعن الأخذ بقرارات مذعنة دون عطاء يذكر .

وعليه يجب على الحكومة الألمانية ان تراجع حساباتها بعيدا عن سياسة الكيل بمكيالين الذي تقادم من المنظور الواقعي، والإقرار للمغرب بحقوقه كما تحبها لنفسها احتراما لمبدأ المساواة بين الدول، وان الصحراء مغربية وستظل طبقا لمبدأ نهاية التاريخ وخاتم البشر الذي يقول به فوكوياما.

بقلم الدكتور أحمد درداري: رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات

Exit mobile version