Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ثقافة الاصطياف بين الأمس واليوم

كان عشاق الاصطياف بمجرد حلول فصل الصيف يعدون الرحال لشواطئهم المفضلة ويهيئون لذلك اللوازم لقضاء الصيف بأحد الشواطئ، وكان من بين الوجهات المفضلة بعض الشواطئ البعيدة عن المدار الحضري، غالبا ما تكون بالقرب من الغابات وكانت الأسر والشباب العزاب يقصدونها وتبنى خيام المصطافين جنبا لجنب مع الأسر.

كانت توزع الأدوار بالتناوب بين إعداد الوجبات الغذائية وجلب الماء الصالح للشرب، في جو من التضامن حتى مع الجوار، كما تحدد أوقات للسباحة وأخرى للقيام ببعض الأشغال كالتصبين وإعادة ترتيب الخيمة والأفرشة والأغطية والملابس والحرص على احترام المجال البيئي بالتخلص من النفايات بشكل لائق.

تغيرت عادات المصطافين المغاربة، وأصبح عشاق البحر يقضون يوما ثم يعودون لمنازلهم مساء أو زوال نفس اليوم، وتغيرت مع ذلك سلوكات المصطافين بشكل ملفت للنظر، غاب احترام المجال البيئي مع ظهور سلوكات غير مقبولة كترك مخلفات المواد الغذائية من قنينات بلاستيكية بمكان الاصطياف عوض التخلص منها عن طريق وضعها بالأماكن المعدة لذلك.

كما ظهرت سلوكات عديدة تنغص راحة الاصطياف والاستجمام بالشواطئ، كمصاحبة كلاب شرسة أو لعب مباريات لكرة القدم، واستعمال دراجات مائية وسط المصطافين، وظهور حرف تتعلق بالاصطياف كعرض مجموعة من الحيوانات بالشواطئ لالتقاط صور فوق ظهورها، كالجمال والخيل.

كما استفحلت ظاهرة اللامبالاة بالجانب البيئي، لدرجة أن مخلفات الزجاج وأزبال مختلفة منها حفاظات الأطفال، وبقايا الطعام أصبحت تستحم جنبا لجنب مع المصطافين، وقنينات البلاستيك بشكل مستهتر في غياب تام للحس البيئي والمشترك بالشواطئ.

السلوكات التي تؤدي إلى تلوث الشاطئ والتسبب في حرمان الآلاف من المصطافين من الاستجمام في مياه نقية.

تتحول الشواطئ مع كل صيف إلى فضاء لاستقبال مئات الآلاف من المصطافين هربا من الحرارة، وبحثا عن الاستمتاع بمياه البحر.

تطفو مجموعة من الممارسات المقززة، والسلوكات المنفرة، التي تنتصر على كل الحملات التحسيسية والدعوات للتحلي بسلوك مدني يحترم الفضاء والبيئة والآخر وقواعد استغلال فضاء مشترك.

ظهور لصوص الشواطئ الذين يستهدفون أغراض المصطافين من الطبقات الشعبية، من أمتعة وملابس شخصية، وكل ما خف وزنه وغلا ثمنه، تعتبر هدفا لعينة من المصطافين الذين يختارون ضحاياهم بعناية. أسوأ ما يمكن أن تسفر عنه عمليات من هذا النوع، هو دفع ضحيتها إلى العودة من حيث أتى بلباس البحر.

وتصل سلوكات بعض المصطافين إلى درجة التغوط داخل مياه الشاطئ رغم توفر بعض الشواطئ على مراحيض عمومية، ويتحول هذا السلوك لدى بعض الشباب إلى نوع من البطولة والتفاخر بالجرأة. منظر فضلات الإنسان وهي تسبح في الأمواج.

ظهور عادات تلازم المصطافين، هو استغلال بعض المصطافين فضاء الشاطئ لطبخ وجباتهم الغذائية، ومن المظاهر المرتبطة بعادات المغاربة في البحر، هو منظر بقايا الصبار “الهندية” فوق رمال الشاطئ، وباقي الفواكه الفصلية كالعنب والبطيخ بشتى أنواعه.

اصطحاب الأفرشة المنزلة التقليدية، كالحصير والزرابي، وغسل الثياب بمياه البحر، واستعمال وسائل بدائية أخرى تثير حنق المصطافين الذين تفسد هذه الممارسات نشوتهم بالبحر، بفعل هذه الممارسات التي تتحدى التحولات التي يعرفها المجتمع والتي تخالف السلوك المدني الحضاري.

 

 

Exit mobile version