Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ثقافة “طوطو” وتدمير القيم المغربية

ليس في الحديث عن القيم المحلية للمغاربة أي نزعة ارتكاسية عما حققته بلادنا من تقدم اجتماعي وثقافي على مستويات عديدة، لأن القيم لا تتعارض مع التقدم الاجتماعي بكافة مفاهيمه، ومن يرى العكس لا يسعى إلى التقدم ولكن إلى الهدم والتخريب، وإنتاج مجتمع بدون ذاكرة جماعية، التي بدونها نفقد كل الرموز والاستعارات التي بها نحيا، بتعبير الباحثين الأمريكيين “جورج لايكوف” و”مارك جونسن”، اللذين أصدرا قبل عشرين سنة كتابا تحت هذا العنوان.
اليوم هناك استهداف واضح للقيم المحلية المغربية. وحتى نكون واضحين، فليست هناك قيم كونية دون تجلي خصوصي. القيم الكونية التي يتحدث عنها كثير من “جهلة العلم والمعرفة” لا يمكن أن تنزل في أي مجتمع دون أن تكون خاصة به وفق رؤية استنباث وتبني واضحة المعالم، اما من يقول غير ذلك فهو يسعى إلى نتيجة خلاصتها مجتمع بلا ملامح وبلا هوية.
عندما استضاف مهرجان الرباط عاصمة للثقافة الإفريقية، المنظم من قبل وزارة الثقافة والشباب والتواصل، مغني الراب “طوطو”، وفاه بألفاظ خادشة للحياء، ودافع في ندوته الصحفية عن تناول الحشيش والمخدرات، اعتبر البعض أن ذلك مجرد خطأ سيتم تداركه، وقال مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة إنهم سيتخذون الإجراءات ضد هذا النوع من الانزياح.
طبعا لم يتم اتخاذ أي إجراء ولم تتم مساءلة الوزير بنسعيد، بل تمادت الحكومة في شخص القطاع الوصي على استضافة “طوطو” مرة أخرى في مهرجان البولفار، حيث أدى الوضع إلى أحداث خطيرة، كادت تتطور لولا يقظة أجهزة الأمن والقوات العمومية وتعاملها الذكي مع فورة الشباب، ولم يتم الاكتفاء بذلك بل تمت استضافته في أكادير على هامش رالي باريس داكار، وتعرى أمام الجهور، حيث نزع وزرته الفوقية وكاد ينزع سرواله القصير جدا.
ما هكذا تورد الإبل يا بنسعيد.
نحن الآن لم نعد أمام خطأ يمكن تداركه واعتذار الوزير للمغاربة، ولكن أصبحنا أمام مخطط واضح يستهدف قيم المغاربة، ورأينا ذلك حتى في الكتاب المدرسي، الذي تناولناه في هذه الصحيفة، حيث قرأنا فقرات تسير بالتلميذ نحن فقدان معرفة مفهوم “الجندر” حتى يتساوى عنده الرجل والمرأة لا من حيث الحقوق ولكن من حيث الوظائف الفيزيولوجية.
إذا كانت الثقافة والموسيقى هي “طوطو” فقد فقدنا البوصلة حقيقة. لا نلوم “طوطو”، الذي هو إنتاج خالص لمرحلة من التضبيع، ومرحلة ضياع مفهوم الأسرة والتربية المدرسية، التي أنتجت جيلا تائها، لكن الخطأ يتحمله الوزير، الذي يمثل الشعب برمته لا تيارا معينا.
وإذا أردنا أن نكون أكثر دقة ما علينا سوى أن ندعو النيابة العامة، التي تمثل ضمير المجتمع، ان تتحرك في قضية خدش الحياء العام والإشادة بتدخين الحشيش في ندوة صحفية، وإذا كانت النيابة العامة تتدخل في قضايا مثل استهلاك الشيشة فالأولى أن تحاسب المسؤولين عن النازلة بدءا بمن استدعى “طوطو” والمسؤولين عن المهرجانات (وليس المهرجان” وصولا إلى الوزير. كلهم متورطون في نازلة خطيرة.

Exit mobile version