Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

جرائم مغلفة بالسياسة والحقوق

ليس أقسى على مجتمع من أن يتم الحكم على شخص بالبراءة أو الإدانة قبل أن تقول المحكمة كلمتها النهائية، وتستكمل كافة مراحل التقاضي، فقبل ذلك سواء كنا مع أو ضد المتهم فنحن نمارس نوعا من التأثير على القضاء، الذي هو مؤسسة مستقلة دستوريا، ولا تخضع للسلطتين التنفيذية والتشريعية كما لا ينبغي أن تخضع للسلط الأخرى الرمزية ومن بينها سلطة الإعلام والسياسة والنضال الحقوقي.
لهذه الفقرة سبب نزول واضح، الا وهو توقيف المعطي منجيب أول أمس الثلاثاء بالرباط، ولولا أن القضية هي قضية رأي عام ما كنا نذكر إسمه، ولكن أصدقاءه قبل خصومه نشروا اسمه والتهم الموجهة إليه، غير أن هناك اتجاها يسير نحو ربطها بنشاطه المدني، حيث يتم تقديمه على أنه مناضل حقوقي ومعارض سياسي، حتى يتم لهم الربط بين اعتقاله وبين نشاطه.
لكن الحقيقة ليست هي هل نصف الكأس مملوء أو فارغ، ولكن بأي شيء الكأس مملوءة وما هو لون الفراغ؟ قصة نصف الكأس الفارغة أو المملوءة هي التي يتم بواسطتها التغطية على نوع المشروب حتى لو كان سما زعافا يقتل قبيلة بأكملها. لابد أن نعرف أولا نوع المشروب وهل هو صالح أم غير صالح تم نناقش بعدها الحجم.
هذا بالضبط ما يريدون اليوم القيام به. منجيب أوردناه هنا كسبب نزول فقط ولكن هناك قضايا عديدة يتم تغليفها بالممارسة السياسية والحقوقية والثقافية والمدنية، وكم من أفعال مشينة ومخالفات قانونية يتم تصريفها تحت العمل الجمعوي، وكم من برلماني ترشح أصلا فقط ليغطي على تهربه الضريبي، وكي يحصل على امتياز الصفقات.
المفروض أن يكون الناس سواسية أمام القانون، وهكذا نص الدستور، ولا نتحدث هنا عن الحالات المعزولة التي يتم فيها استعمال الشطط، ولكن نتحدث عن التيار العام في المغرب المتجسد في كون المغرب اليوم الحاكم فيه على الجميع هو القانون، وبالتالي لا يمكن في الحكم أن نميز بين واحد وآخر إلا إذا استحق ظروف التخفيف، ولهذا لا فرق بين كبير وصغير، ولا فرق بين مسؤول ومواطن يعمل حارسا.
إذا ما تماهينا مع هذه الدعوات غير الدقيقة، فإننا سنصبح أمام منظومة خطيرة يتم فيها حماية المتهمين بالجرائم فقط لأنهم ينتمون إلى تنظيم معين، أو اتجاه معين، وسيصبح حينها العمل السياسي والحقوقي والانتماء للتنظيم أو الاقتراب منه كأنك أصبحت في حماية القبيلة أو العشيرة، وهذا مضر بالقانون وقبل ذلك مضر بحقوق الآخرين، إذ تنعدم معه المساواة.
هناك اتجاه اليوم يدفع في طريق تغطية الأفعال الإجرامية بالعمل الحقوقي والسياسي، وهي عملية لا تختلف بتاتا عن تهريب السلع الممنوعة بغلاف سلع غير ممنوعة، ولا فرق بين من يحصل على الدعم الأجنبي ويتهرب من الضرائب تحت غطاء “المناضل” وبين من يهرب الحشيش وسط الرخام.

Exit mobile version