Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

جلالة الملك يدعو الى تدبير الهجرة بعين المسؤولية والتضامن

أكد تقرير جلالة الملك محمد السادس حول تتبع تفعيل المرصد الإفريقي للهجرة في المغرب، الذي تم تقديمه خلال الدورة الخامسة والثلاثين لقمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس ابابا، أن تدبير الهجرة لا ينبغي أن يقترن دوما بإدارة الطوارئ، بل يجب أن ينظر إليه بعين المسؤولية والتضامن وألا يظل حبيس المنظور الأمني البحث.

وجاء في التقرير الذي قدمه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بالمناسبة، أن “الجائحة ستنتهي في أقرب وقت ممكن كما نأمل لكن الهجرة ستستمر”، وأضاف أن للجائحة تأثيرا كبيرا على الهجرة في جميع القارات، وفي إفريقها على وجه الخصوص، حيث كان لإغلاق الحدود والإجراءات التقييدية الهادفة إلى وقف انتشارها تأثير على تنقل المهاجرين، بينما ساهم تقييد التحركات عبر الحدود في تفاقم تعرض المهاجرين للاتجار بالبشر، مما يعرضهم لخطر الاستغلال من قبل المجرمين والمهربين والمتاجرين.

وأوضح التقرير أن القيود المفروضة على الحدود لم توقف عمليات العبور، بل كانت لها تداعيات على طرق الهجرة، مع ظهور طرق أخرى أكثر خطورة، وحسب تقرير جلالة الملك، تسببت التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للهجرة في تفاقم هشاشة أوضاع العمال المهاجرين، لاسيما منهم النساء والشباب. فقد تأثروا بأشكال متفاوتة بالفوارق الاجتماعية والاقتصادية كالبطالة، وانخفاض الدخل في القطاع غير المهيكل، وغياب تغطية الضمان الاجتماعي، وتتضاف إلى التداعيات المرتبطة بالجائحة، تداعيات أخرى متعلقة بالصراعات وتغير المناخ، كالجفاف والأعاصير والفيضانات التي تجتاح القارة الإفريقية.

وأكد التقرير الأزمة الصحية العالمية تسببت في عرقلة الجهود المبذولة، وقوضت التقدم الذي أحرزته دول القارة في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 والأجندة الإفريقية 2063، وأضاف التقرير أن الجائحة شكلت دليلا إضافيا على التأثير الإيجابي للمهاجرين على البلدان المضيفة والمغتربين على بلدانهم الأصلية، حيث، وإلى جانب دورهم كعمال أساسيين في البلدان المضيفة، ساهم المهاجرون، بفضل إمكاناتهم، في إيجاد حلول خلاقة ومبتكرة لمكافحة الجائحة.

وبحسب التقرير، يطلق على المغتربين اسم “المنطقة السادسة” من إفريقيا، نظرا لما لهذه الفئة من دور متزايد الأهمية في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لاسيما من خلال التحويلات المالية. كما يساهمون بشكل فعال في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومبادرات تنمية الكفاءات ونقل التكنولوجيا.

وأشار إلى أنه على الرغم من تداعيات الجائحة، لم تتوقف مساهمة المهاجرين في تنمية قارتهم الأم. وعلى عكس التكهنات التي توقعت انخفاض التحويلات إلى إفريقيا بنسبة 20 في المائة بسبب الجائحة، فقد بلغت 78.4 مليار دولار في أكتوبر 2020، وهو ما يشكل نسبة 11.7 في المائة من التحويلات العالمية، وأضاف أنه ورغم الانخفاض الطفيق مقارنة بعام 2019، “فقد برزت التحويلات كمصدر مضمون وأكثر صمودا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة”، ومع ذلك، فإن إفريقيا ما زالت، للأسف، تسجل أغلى تكاليف التحويلات المالية في العالم، حيث تصل في المتوسط إلى 8.5 في المائة من إجمالي المبلغ المرسل، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف الهدف الذي حددته أهداف التنمية المستدامة والمتمثل في 3 في المائة

وحسب التقرير بينت بعض الدراسات أن الاقتطاعات التي تعتمدها مؤسسات تحويل الأموال الدولية تبلغ أحيانا 15 في المائة مما يمثل عجزا بنحو 1.6 مليار يورو من الأرباح السنوية للقارة الإفريقية، وعلاوة على ذلك، لا تستثمر سوى 10 في المائة من هذه التحويلات من مشروعات أو منتجات الادخار في إفريقيا، فضلا على ذلك أبرزت الجائحة الدور المركزي لميثاق مراكش وأهمية أهدافه، وساهمت الأزمة، بشكل خاص، في التذكير بمخاطر الهجرة غير النظامية، وأهمية تسوية أوضاع المهاجرين، وضرورة استفادتهم من الضمان الاجتماعي.

وذكر التقرير أن الجائحة لم تمنع انتشار الأخبار الكاذبة عن الهجرة في إفريقيا. ومع ذلك، فإن الصور النمطية لا تخضع للتمحيص، وبالتالي، فإن الهجرة الإفريقية تتعلق في المقام الأول بإفريقيا. بل إنها زادت بنسبة 13 في المائة بين عامي 2015 و2019.

وأبرز تقرير جلالة الملك أن الهجرة الإفريقية لا تمثل سوى 14 في المائة من إجمالي عدد المهاجرين الدوليين، وهو عدد أقل بكثير من مجموع المهاجرين الوافدين من القارات الأخرى، مؤكدا أن معظم المهاجرين ينتقل داخل القارة الإفريقية وداخل مناطق انتمائهم، ولا سيما في غرب إفريقيا. ولذلك فلا شك أن إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية يعزز هذا الاتجاه، وأكد تقرير جلالة الملك أن الأزمة الإنسانية الناجمة عن وفاة آلاف الأشخاص في طرق الهجرة مستمرة. “فإذا كانت المنطقة الوسطى للبحر الأبيض المتوسط تمثل الطريق الأكثر فتكا فقد أحصي في إفريقيا أكثر من 11 ألفا و94 مفقودا في السنوات الأخيرة. فخسائر إفريقيا كبيرة، سواء تعلق الأمر بالهجرة أو بالجائحة”.

و أكد تقرير جلالة الملك محمد السادس عن تتبع تفعيل المرصد الإفريقي للهجرة في المغرب، الذي تم تقديمه الأحد خلال الدورة الخامسة والثلاثين لقمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس ابابا، أن هذا المرصد يشكل تجسيدا مباشرا لميثاق مراكش، ولاسيما هدفه الأول، وهو جمع واستخدام البيانات الدقيقة لتوظيفها في إعداد السياسات القائمة على المعرفة بالوقائع.

وقال جلالة الملك في هذا التقرير الذي قدمه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،
ناصر بوريطة، خلال هذه القمة، إنه “لقد حرصنا على جعل تملك القارة لقضية الهجرة وما تنطوي عليه من ديناميات داخل إفريقيا هدفا لتفعيل المرصد الإفريقي للهجرة”.

وأضاف جلالة الملك “كما عملنا على تفكيك التصور السلبي المرتبط بالهجرة من خلال تأسيس نهج إيجابي وموضوعي في هذا الشأن، مع تثمين الرأسمال البشري كرافعة لتنمية القارة”، مبرزا جلالته أن المغرب “لم يدخر جهدا في كل خطوة هادفة إلى تجسيد اقتراحنا بإنشاء المرصد الإفريقي للهجرة، بدءا من التصميم ووصولا إلى التطوير والتنفيذ”.

وأبرز أن افتتاح هذا المرصد يشهد على قدرة إفريقيا على النهوض بدور ريادي في هذه الحوكمة الجديدة للهجرة التي يسعى إليها ميثاق مراكش، مشيرا إلى أنه على الرغم مما يقترن بالهجرة الإفريقية من صور سلبية ومفاهيم وتصورات اختزالية، فإن إفريقيا متموقعة باعتبارها فاعلا أساسيا في تنفيذ هذا الميثاق.

وأشار التقرير إلى أن الإرساء الفعلي للمرصد الإفريقي للهجرة، بوصفه أول هيئة تابعة للاتحاد الإفريقي تتخذ من المغرب مقرا لها، يعد بمثابة خطوة رئيسية أولى في هذا الاتجاه.

وأبرز أن المشاركة الملحوظة لإفريقيا في الصندوق الاستئماني المتعدد الشركاء من أجل الهجرة، وهو آلية لمساعدة البلدان في تنفيذ الميثاق، تشكل تأكيدا لالتزام إفريقيا بتحسين إدارة الهجرة. فإجمالي المشاريع المختارة للتمويل التي قدمتها البلدان الإفريقية يمثل نسبة 41 في المائة. وذكر أن اسم إفريقيا برز أيضا من خلال أربعة مشاريع جماعية، وقدمت بذلك نموذجا للتدبير الإقليمي المشترك الذي حث عليه ميثاق مراكش.

وأضاف أنه من ناحية أخرى، “وتماشيا مع مهمتنا كرائد لمسألة الهجرة في إفريقيا، كنا قد اقترحنا خلال القمة الثالثة والثلاثين للاتحاد الإفريقي استضافة المنتدى الإقليمي الإفريقي لتنفيذ ميثاق مراكش”، مشيرا إلى أنه المغرب نظم في سبتمبر الماضي الاجتماع الحكومي من أجل المراجعة الإفريقية الإقليمية للميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ونظامية، وذلك بشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، والمنظمة الدولية للهجرة، وشبكة الأمم المتحدة للهجرة، والذي سعى إلى بحث تنفيذ ميثاق مراكش في إفريقيا وتوحيد المخرجات لإثراء المنتدى الدولي لمراجعة الهجرة، المزمع عقده في سنة 2022.

وأبرز التقرير أنه “عملنا أيضا على تحديد إجراءات ذات أولوية لجعل ميثاق مراكش مرتكزا للعمل من أجل القارة، وذلك من خلال دمج إدارة الهجرة في نماذجنا للتنمية والحوكمة”. كما اختير المغرب بلدا رائدا في تنفيذ ميثاق مراكش. وأشار في هذا الصدد إلى أن المغرب سينظم في عام 2022 اجتماعا وزاريا تشارك فيه جميع الدول الرائدة للتحسيس بالتنفيذ الكامل والفعال لألهداف الثلاثة والعشرين للميثاق.

وذكر تقرير جلالة الملك أنه “بهذه المناسبة، سيواصل المغرب نهجه المتمثل في جعل إفريقيا أولوية ثابتة لالتزاماته. ونحن على استعداد لتقاسم معرفتنا بشأن الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء التي أطلقناها في عام 2013 ومختلف التدابير التي اتخذناها في هذا الصدد”.

وخلص إلى أنه “سيرا على النهج الذي دافعنا عنه في الأجندة الإفريقية للهجرة وأثناء ميثاق مراكش، سنعمل على تعزيز الانسجام والتكامل بين الالتزام الوطني والإقليمي الدولي، وذلك بهدف تحسين الهجرة وتنظيمها بدلا من محاربتها”.

Exit mobile version