Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

جوهانسبورغ: حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يتخبط في مستنقع الفساد

وقع ما كان من المفترض أن يقع، فبعد مماطلات ومراوغات قانونية، ألقت الشرطة أخيرا القبض على رئيسة برلمان جنوب إفريقيا المستقيلة، نوسيفيوي مابيسا نكاكولا، وتم تقديمها إلى المحكمة بتهم الفساد وغسل الأموال.
وتواجه مابيسا نكاكولا 12 تهمة تتعلق بالفساد وبغسل أموال بما في ذلك رشاوى تقدر بـ 240 ألف دولار (4.55 مليون راند) قد تكون طلبت من مقاول بين عامي 2017 و2019 عندما كانت وزيرة للدفاع.
وبعد أن شعرت بتشديد الخناق عليها، أعلنت مابيسا نكاكولا، في خضم هذه الفضائح، استقالتها من رئاسة الجمعية الوطنية. ومن المحتمل أنها اضطرت إلى القيام بذلك بالنظر للضغوط التي تعرضت لها، وخاصة من قبل المعارضة المتعطشة للوصول للسلطة والتي قدمت اقتراحا بسحب الثقة لإقالتها من منصبها.

– ردود فعل متباينة حيال اعتقال رئيسة البرلمان

وأثارت استقالتها واعتقالها موجة من ردود الفعل في الأوساط السياسية، حيث نوه البعض بالقرار، بينما دعا آخرون إلى اتخاذ إجراءات قانونية فورية.
ومن المهم التأكيد على أن مابيسا نكاكولا، وزيرة الدفاع التي أصبحت رئيسة للجمعية الوطنية، قامت رغم ذلك بما لم يقم به أبدا سوى عدد قليل من كبار المسؤولين في المؤتمر الوطني الأفريقي، الحزب الذي تولى السلطة في جنوب أفريقيا منذ ثلاثة عقود: الاستقالة في مواجهة مزاعم مشكوك فيها.

وفي الواقع، إن هذه الاستقالة غير مسبوقة في البلاد يجب أن تكون مثالا يحتذى به. ومن خلال استقالتها من منصبها، أنقذت مابيسا نكاكولا حزبها من أي إحراج محتمل عند الاضطرار إلى الدفاع علنا عن أحد أعضاء الحزب الذي فقد ثقة الحزب.
وأعلن رئيس الدولة، ورئيس المؤتمر الوطني الإفريقي، سيريل رامافوسا، في هذا الصدد، أن قرار الرئيسة السابقة للجمعية الوطنية الاستقالة “يجب الإشادة به”.
والأمر نفسه ينطبق على الفيدرالية النقابية كوساتو، شريكة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، التي أعلنت أنه من غير الممكن أن يظل المتهم في هذا المنصب.
وأكدت “نحن نؤيد هذا القرار من أجل تجنيب البرلمان وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي والأمة المشهد الذي يتكشف حاليا فيما يتعلق بالتحقيق في مزاعم الفساد الموجهة ضدها”.
ووصف التحالف الديمقراطي، الحزب البارز في صفوف المعارضة، والذي كان أول من طرح ملتمس حجب الثقة، الاستقالة بأنها “انتصار للبرلمان ولشعب جنوب افريقيا”، معتبرا أن المؤسسة التشريعية لا يمكن أن تكون ملجأ لبعض أسوأ السياسيين.
وأشار حزب المعارضة الآخر ” المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية” إلى أن حزب المؤتمر الوطني الافريقي أثر بعمق في صورة البرلمان لأنه منح تزكية لمابيسا نكاكولا. وفي السياق ذاته، أكد محللون أن الرئيس رامافوزا عندما قام بترقية مابيسا نكاكولا لمنصب رئيس الجمعية الوطنية خلال التعديل الوزاري في غشت 2021، قد يكون على علم بفضيحة الفساد في وزارة الدفاع، التي ظهرت في سنة 2019.

واعتبر آخرون أن مابيسا نكاكولا، التي كان من المفروض أن تكون رمزا للاحترام والنزاهة والمصداقية، أخلت بكل هذه المبادئ، مبرزين أنه يجب تطبيق القانون دون خوف أو مجاملة.
ضربة أخرى موجعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم
وتشكل فضائح الفساد ضربة موجعة أخرى للحزب الحاكم. وقد تؤدي إلى تسريع وتيرة تدهور حظوظ حزب المؤتمر الوطني الافريقي، الذي ظل في الحكم لمدة 30 سنة، إلى أقل من 50 بالمائة من الأصوات للمرة الأولى، وذلك خلال الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 29 ماي المقبل.
وأشار تقرير “لجنة زوندو”، أن فضيحة الفساد الجديدة هذه التي تورط فيها أحد الأعضاء البارزين في حزب المؤتمر الوطني الافريقي الحاكم تثير القلق بين الطبقة السياسية والمواطنين العاديين. ويتساءل الكثيرون عن الرغبة الحقيقية للحزب الحاكم في القطع مع ممارسات الاستيلاء على الدولة ومحاربة الفساد المنتشر في هياكل الدولة. ويظهر جليا أن هذه المناورات البيزنطية التي لا نهاية لها قد تمكنت من حزب المؤتمر الوطني الافريقي خلال السنوات الأخيرة، لتضع اهتماماته ومكائده الداخلية فوق مصالح المواطنين والبلاد.
وفي الوقت ذاته، تراجعت ثقة المواطنين في مؤسسات الحكم. ويظهر ذلك جليا من خلال الدراسات الاستقصائية التي أجرتها شبكة البحث الافريقية “أفروباروميتر” و”مجلس أبحاث العلوم الإنسانية” التي كشفت أن مستوى ثقة مواطني جنوب إفريقيا في الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية أضحت أقل من 30 نقطة مئوية.
ولسبب وجيه، فإن مستويات الفساد التي تعاني منها هذه الدولة الواقعة في جنوب القارة الإفريقية من سوء التدبير والفساد والمناقصات الاحتيالية والمحسوبية، بلغت حدا أصبح معها الرأي العام يضع الفساد إلى جانب الجريمة والبطالة أولويات وطنية قصوى.

Exit mobile version