ما العلاقة التي تربط مافيا العقار بإنهاك الأرض؟ من الذي أتى على الأراضي الفلاحية لصالحي مدن كاملة؟ من الذي أتى على الغابة لفائدة الإسمنت؟ غابة يتم الإجهاز عليها بدعوى أنها تدبير مشترك بين المياه والغابات والسلاليين لتصبح عمارات؟ هل لمافيا العقار علاقة بحرائق الغابات أو بعضها على الأقل؟
في هذه الصحيفة تعلمنا ألا نطلق الادعاءات، ولكن ننطلق من وقائع قد تفيد في الوصول إلى نتائج معينة. الآن لا يمكن أن نربط بين الحرائق الواقعة وأية جهة معينة، وقد أمر الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بتطوان بفتح تحقيق في الموضوع، بعد اعتقال أربعة متورطين مشتبهين في العملية. ولا يمكن قانونا ومنطقا أن نسبق التحقيق المفتوح.
لكن واقعة مرت أمام أعين الجميع قبيل سنوات. شب حريق في غابة كابو نيغرو التي كانت تغطي جبلا معروفا. السنة التي تلت الحريق عوضت العمارات الشاهقات الأشجار. هل هي مجرد صدفة فقط أن تشتعل النيران في غابة وبعد مدة زمنية تتحول إلى مَبانٍ سكنية؟ الغابة التي تحترق ينبغي تعويضها. وينبغي محاسبة المسؤولين عن تدمير غابة بجهة الرباط القنيطرة بدعوى التدبير المشترك وأن السلاليين من حقهم ذلك، في وقت إذا أراد مدير مدرسة إزالة شجرتين أو ثلاث يطلب ترخيصا ويعتبر من الترخيصات المعقدة.
من رخص في تدمير غابة بكاملها كانت رئة للجهة وتحويلها إلى عقارات؟
حقول كانت ممتدة على مدى العين أصبحت اليوم مدنا سكنية ومعامل وغيرها. العاقل من يحافظ على الحقول الزراعية والأراضي الخصبة لفائدة الزراعات المحلية قصد تأمين الغذاء للمواطنين، والبحث عن أراضٍ غير صالحة للزراعة وغير قابلة للاستصلاح من أجل البناء، الذي يرتكز اليوم على المدن الأفقية لا العمودية، التي ينبغي التقليل منها لأنها تستهلك مساحات كبيرة من الأرض مقابل بنايات قليلة، بينما الأفقية تقتصد في المساحات المبنية مقابل مساكن كثيرة.
استهداف الغابات بالحرائق والأراضي الزراعية عبر قوانين ملتبسة يستهدف حياة الإنسان، فالغابة لها أدوار كبيرة في تلطيف الجو وحماية رئة الناس، وأي موت للغابة هو موت للإنسان ونهاية للحياة، وكلما فقدنا الغابة كثرت الأمراض والتلوث وأضحت الحياة جحيما.
ينبغي أن يذهب التحقيق بعيدا في قضية حريق الغابة، فبعد اعتقال أربعة متورطين مباشرين، لابد من تعميق البحث للوصول إلى أسماك القرش، التي تقف وراء القضية، حتى لا تتكرر مرة أخرى، وحتى يتم وضع حد لمافيا العقارات، التي تستهدف الأراضي القريبة من المدن قصد تحويلها إلى مَبانٍ ومرافق، وهي مافيات يهمها الربح حتى لو على حساب حياة المواطن التي هي حياة الوطن.
المبادرة التي اتخذها الوكيل العام للملك باستئنافية تطوان باعتباره يمثل ضمير المجتمع ينبغي أن يتم تعميمها في كل القضايا المشابهة حتى لو تعلق الأمر بإزالة غابة وتفويتها لشركات عقارية تحت مسميات كثيرة حتى يتم الوقوف على الخلفيات.
هناك من يهدد حياة المغاربة من مافيا العقار وينبغي الوصول إليه اليوم قبل غد قصد الإنهاء مع الظاهرة القاتلة.
