Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

حكومة لا تريد رقيبا على الفساد

ليس من باب الصدفة أن تجتمع أحداث متعددة مرة واحدة، وكلها تصب في هدف واحد، ودون أن يجمعها رابط، والحقيقة أن هذه الأمور لا تجتمع إلا إذا كان هناك عامل مشترك بينها أو دافع موحد. كيف تم كل هذا في ظرف وجيز؟ قرر عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إنهاء مهمة المكلف بمحاربة الفساد في رئاسة الحكومة، و”زاد كملها وجمّلها” أنه لم يخصص درهما واحدا لهذا المجال بمعنى الإنهاء التام لقضية مكافحة الفساد، لا من باب “عفا الله عما سلف” لكن من باب “لا نريد رقيبا على عملنا”.
إلغاء مهمة المكلف بمحاربة الفساد في رئاسة الحكومة، تزامنت مع سحب مشروع قانون مكافحة الاغتناء غير المشروع من البرلمان، دون أفق لعودته، بما يعني أن الحكومة تريد التخلص من هذا الملف، دون أن ننسى أن الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد تشكو من عدم تجاوب الأجهزة الحكومية مع عملها.
نصر دائما على تسمية الحكومة الحالية على أنها تمثل “تجمع المصالح الكبرى”، وبالتالي فإن هذا التجمع تختلط عليه الأمور، أو من طبيعته أن تكون أموره مختلطة، فهو يمزج بين تدبير شؤون الحكومة وتدبير الشركات والمقاولات، ولا عبر بالفصل المنهجي بين التدبيرين، لكن عمليا يصعب الفصل بينهما في غياب آليات رقابة قوية، ولهذا تسعى الحكومة إلى أن تكون بعيدة عن الرقابة ولا تريد رقيبا عليها.
كل واحد يفهم الفساد كما يحلو له، وكان على عهد العدالة والتنمية متعدد الأوجه، فهو الفساد المالي والإداري في المدن الكبرى والفساد الأخلاقي في المدن الصغرى، وأنهوا المهمة بشعار “عفا الله عما سلف”، وتم طمس هوية ملفات الفساد بأكملها، واليوم نحن أمام حكومة لا تريد حتى من حيث الشكل أن تقول للمغاربة إنها تحارب الفساد، لأنها تعرف جيدا أنه لا يمكن الفصل بين التدبيرين.
هذا الخلط يمكن أن نراه في الصفقات كما يمكن أن نراه في القوانين والتشريعات التي يتم صكها وفق هوى “تجمع المصالح الكبرى”، ورأينا جزءا منها في التعديلات على قانون المالية بمجلس المستشارين، حيث تم قبول جميع تعديلات الباطرونا بينما تم رفض كل تعديلات النقابات.
محاربة الفساد بآليات واضحة هو آليات الرقابة على الأمور الدقيقة، بينما تمارس المعارضة البرلمانية الرقابة على عمل الحكومة، وهي اليوم مرتاحة لأن المعارضة في البرلمان مازالت تلملم انكساراتها، خصوصا وأن أغلبها تم طرده للمعارضة، ولم يخترها وفق نتائج الانتخابات، والترتيب الذي حصل عليه، ولهذا من الصعب التعويل على رقابة سياسية على العمل الحكومي، واليوم أضافت لها إعدام الرقابة على الفساد من موقع العمل الحكومي، وربما يمتد ذلك إلى عرقلة عمل الهيئة المكلفة بالملف، وقريبا سنسمع عن صدامات قوية بين الطرفين، لن نزوع الحكومة نحو التغول قوي ولا يمكن مواجهته إلا بوحدة قوية.

Exit mobile version