Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

حماة المال يحذرون من مافيا مقالع الرمال

حذرت الجمعية المغربية لحماية المال العام من النزيف الذي تعرف مقالع الرمال بالمغرب، والتي سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أصدر تقريرا خاصا بها، وقال محمد الغلوسي رئيس الجمعية إن مافيات المقالع اغتنت بشكل فاحش، مستغلة في ذلك غياب المراقبة والمحاسبة وضعف حكم القانون.
وأعطى الغلوسي المثال بإقليم الصويرة، مشيرا أنه سبق وكتب حول استغلال بعض المنتخبين بالإقليم لمواقعهم الانتدابية لمراكمة الثروة، عن طريق التلاعب والمتاجرة في مقالع الرمال، وتفويت مداخيل مهم على الجماعات المحلية بالإقليم، وأضاف ” هذا الموضوع أثار نقاشا واسعا باقليم الصويرة، وتحركت بعض الجهات لاستقصاء حقيقة الأمر، كما تم تحرير بعض المحاضر ضد البعض”، وزاد “تحرك نتمنى أن لا يكون من أجل ذر الرماد في العيون، والتغطية على النهب والفساد الذي يضرب إقليم الصويرة، وهو الإقليم الذي يعرف استقطابا حادا وصراعات حول المسؤوليات والتزكيات أثناء الإنتخابات، لأن البعض اكتشف أن هذا المنفذ يشكل طريقا سهلا لجمع المال والثروة في مدة وجيزة”.
وأشار أن ساكنة إقليم الصويرة تعرف هؤلاء جيدا، والذين لم يكونوا يملكون شيئا إلى وقت قريب، وأصبحوا من أثرياء المنطقة. ومن ضمن هؤلاء حكاية منتخب “كبير “يتم تداول اسمه بين ساكنة الصويرة، يستغل مقلعا للرمال وعلى ذمته لفائدة وزارة التجهيز مبلغ 295 مليون سنتيم لم يؤده لحدود الآن، وفوت بطريقة احتيالية نفس المقلع لأخيه الذي يأتي المقلع من باب آخر.
و كشف تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول مقالع الرمال والرخام الذي أنجزه مجلس النواب، أنه على الرغم من مساهمة هذا القطاع في تنمية البلاد، إلا أنه يعاني من مجموعة من الاكراهات والاختلالات تهم طرق الاستغلال والعشوائية والنهب وعدم نجاعة المراقبة مما ينعكس سلبا على المواطن والبيئة والبنيات التحتية والعائدات المالية، ومن بين الاختلالات التي رصدها أعضاء المهمة الاستطلاعية، وفق التقرير كثرة المقالع العشوائية ودعت إلى وجوب إعادة النظر فيها، كما سجلت ضعف مداخيل المقالع سواء للدولة أو للجماعات، وشددت على أن الاشكال الحقيقي المرتبط بالمقالع هو المراقبة، داعية إلى تشجيع الاستثمار وتبسيط المساطر.
ونبه التقرير إلى أن قطاع المقالع يجمع بين مقاولات تشكل نموذجا خطيرا للريع كما هو الحال بساحل أولاد صخار بالعرائش، حيث تستغل رمال الساحل نفس الجهة منذ سنة (1993)، ومقاولات أخرى تحتاج إلى تدخل الدولة من أجل إنقاذها من الإفلاس، مع عدم ظهور تأثير المقالع على التنمية بالإقليم.
وانتقدت المهمة الاستطلاعية جرف الرمال من البحر لأغراض الاستغلال، رغم المخاطر البيئية والإضرار بالثروة السمكية، ورغم تنبيهات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري.
وشدد التقرير على ضرورة احترام مسطرة استغلال المقالع، وضبط المسؤولية وربطها بالمحاسبة، وضبط الحقوق البيئية في ظل ما ينتج عن المقالع من تلوث الهواء الناتج عن تطاير الغبار والضوضاء الناتج عن المعدات والآليات، والتأثيرات السلبية على النشاط الزراعي وعلى الحياة البرية المهددة بالانقراض والمواقع المحمية، كما دعت إلى ضبط الرخص الممنوحة.
وكان تقرير المجلس الأعلى للحسابات، كشف أن المعدل السنوي لكميات الرمال المستخرجة وغير المصرح بها يقدر بنحو 9.5 ملايين متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمائة من كميات الرمال المستهلكة، ما يفوت على خزينة الدولة ما يقارب 166 مليون درهم.
وأكد المجلس الذي ترأسه زينب العدوي غياب مقاربة شمولية وإستراتيجية وطنية لتدبير قطاع المقالع، مع تسجيل مجموعة من النقائص التي تحد من فعالية السهر عليه، كـ”كمحدودية مهمة التأطير التقني والبيئي”.
وجاء في التقرير ذاته أن “ضبط معطيات قطاع المقالع يعرف تناقضات بسبب غياب تبادل المعطيات بين وزارة التجهيز والماء والأجهزة العمومية التي تشرف على تدبير الوعاء العقاري المخصص للمقالع”، داعيا بذلك إلى “وضع نظام معلوماتي متكامل ومشترك بين جميع الفاعلين”.
ووقف“تقرير العدوي على “عدم فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة” من الرمال، إذ كشف أنه “من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة تبين أن المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها يقدر بنحو 9,5 ملايين متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمائة من كميات الرمال المستهلكة، ما يفوت على خزينة الدولة ما يقارب 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم الذي يبلغ 44 مليون درهم”.
وبينت الوثيقة ذاتها وجود “انتشار واسع للمقالع غير القانونية، التي تعد من أهم عوامل عدم فعالية المراقبة، واستشراء الاستخراج غير المرخص له”، مضيفة أنه “بمراقبة المقالع لوحظ أنه من أصل 300 عون شرطة للمراقبة تقرر تعيينهم من طرف وزارة التجهيز والماء لم يتم تعيين سوى 190 منهم، أي ما يعادل 63 في المائة من الأهداف المسطرة”، ولافتة إلى أن “هؤلاء الأعوان لا يتوفرون على الوسائل اللوجستيكية والتقنية من أجل ضبط المخالفات”.
كما أبرز المجلس أن “اللجان الإقليمية لاستغلال المقالع التي تضطلع هي الأخرى بمهمة المراقبة رغم زياراتها الميدانية التي مكنت من تسجيل 9,349 مخالفة بين 2018 و2020 فرضت فقط تسع غرامات”، وفي شق التتبع البيئي لاستغلال المقالع، لفت المصدر ذاته إلى أن “10 بالمائة من المقالع المستغلة لا تتوفر على الدراسة المتعلقة بالتأثير على البيئة، ما يحول دون تتبع هاته المقالع وأثرها البيئي، وذلك وسط غياب تام لأي جهود للحد من هاته التداعيات البيئية”، موضحا أن “غياب التتبع البيئي للمقالع يعود إلى النقص في الموارد البشرية المؤهلة، وغياب تحديد للمواصفات التقنية التي يجب احترامها في ما يخص الآثار السلبية على البيئة، كتلك المتعلقة بالضوضاء، والاهتزازات، وانبعاثات الغبار وإتلاف الطرق العمومية”.
وبخصوص تثمين المواد المستخرجة من القطاع أوضح المجلس أن “هذا الأمر اقتصر فقط على عملية الإدماج العمودي لأنشطة المقاولات العاملة في قطاع البناء والأشغال العمومية”، كاشفا بذلك أن “إقليم بنسليمان الذي كان من المنتظر أن يعرف إنجاز مشروع لتطوير الصناعات المرتبطة بمواد البناء، في أفق تعميمه على عدد من الأقاليم، لم يظهر وإلى حدود 2022 انطلاق الأشغال فيه، ما يجعل بروز عدم انطلاقة هذا المشروع في أقاليم أخرى”.
وأوصت الهيئة ذاتها رئاسة الحكومة بـ”وضع إطار مع إضفاء الصبغة الرسمية عليه لتحديد آليات تبادل البيانات بين الفاعلين المؤسساتيين المعنيين بقطاع المقالع، مع تمكين المراكز الجهوية للاستثمار من خريطة للعقار العمومي المعبأ أو المحتمل تعبئته لغرض استخراج مواد المقالع”.
التوصيات كانت أيضا موجهة لوزارة التجهيز والماء، وهي: “وضع منصة معلوماتية مشتركة مع مختلف الجهات المتدخلة في تدبير استغلال المقالع، وإستراتيجية وطنية لتدبير هذا القطاع وتتميم الإطار القانوني المنظم له، مع وضع آليات لتثمين مواد المقالع، وكذا تفعيل اللجنة الوطنية لتتبع استغلالها ومساعدة اللجان الإقليمية للمقالع من أجل الاضطلاع بكافة المهام المنوطة بها مع التتبع والتقييم الدوري لأعمالها، فضلا عن تعزيز وتتميم الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتدبير البيئي لاستغلال المقالع”.

Exit mobile version