Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

حماية “الاستقلال”

عندما عاد جلالة المغفور له محمد الخامس إلى أرض الوطن من المنفى القسري، قال قولته الشهيرة “عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، والجهاد الأكبر يقصد به جهاد بناء الدولة الوطنية المتقدمة، لكن يمكن أن نضيف إليه جهاد حماية المكتسبات. لا يمكن الحديث عن الاستقلال دون الحديث عن بقاء أسسه قائمة.
حماية الاستقلال تعني حماية الخيار الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية، وضمان حق الاختلاف بين المكونات السياسية، ومنذ البداية رفض المغرب فكرة الحزب الوحيد، رغم أن كل الحركات الوطنية في العالم حكمت لوحدها، لكن المغرب كان مختلفا وأصدر ظهير الحريات العامة، لأن الاستقلال هو للجميع، وبالتالي من حق الجميع أن يتمتع بالوجود السياسي، وخيضت معركة قوية ضد هيمنة الحزب الوحيد، وصدر هذا الظهير ليضع حدا لطموحات إحدى التنظيمات السياسية في الهيمنة على المشهد السياسي.
حماية الاستقلال هي تطوير المكتسبات في كافة المجالات، وعلى رأسها مكسب استكمال وحدة التراب الوطني، إذ منذ عودة الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن وخروج المحتل الإسباني وعجلة التنمية والبناء على قدم وساق، وتم وضع عشرات المشاريع في سكتها، كما تحقيق أهداف ديبلوماسية قوية على رأسها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وفتح عدد كبير من القنصليات بمدن العيون والداخلة. وهي مكتسبات كبيرة وعميقة لا ينبغي التفريط في واحدة منها، وأساس حماية الاستقلال هو حماية الأرض والإنسان.
حماية الاستقلال من حماية خيارات المغرب الأساسية، وعلى رأسها خيار الوثيقة الدستورية لسنة 2011، وهي وثيقة واضحة وسامية تؤطر عمل المغاربة، وعنها يتم يستوحي المشرعون القوانين، ولهذه الوثيقة أركان عديدة لا يمكن التفريط فيها، ومن ضمانات حمايتها ألا تتجاوز الحكومة اختصاصاتها وأن تنسى أن للمعارضة دور كبير خولها الدستور إياه، ووضع في مرتبة أولى قبل الأغلبية بعشرات الفصول. دستور 2011 خيار يضمن الجواب عن أسئلة السيادة الوطنية لأنه ثمرة إنصات لصوت الشارع.
حماية الاستقلال هي بناء الاقتصاد الوطني بالرأسمال الوطني، وأن تكون له الأولوية في كل شيء والأسبقية على كل اقتصاد آخر، دون أن يعني ذلك الانغلاق الذاتي، لكن الرأسمال الوطني هو الرأسمال الذي لديه “كبدة” على الوطن، ويمكن أن يضحي من أجل البلاد، ولا نعتقد أن حكومة “تجمع المصالح الكبرى” تسير في هذا الاتجاه لأن همّ من هم في قيادتها هو جمع أكبر ثروة ممكنة والظهور كل سنوات ضمن مليارديرات فوربيس، ولا يهمهم بتاتا الوطن. الرأسمال الوطني هو الذي يشرع أصحابه الضريبة على الثروة لا إنزال أغلب الضرائب على الفئات الصغيرة كما يحدث الآن.
حماية الاستقلال هو حماية المواطن، الذي من أجله تمت التضحية بالغالي والنفيس، وحماية المواطن تكمن في حماية قوته وصحته، وعدم ضرب ما بنته الدولة خلال 65 سنة متواصلة من العمل والبناء، وهاهي التحولات ماثلة للعيان أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وبمناسبة الاستقلال ينبغي أن ترتفع الأصوات للمطالبة بترسيخها.

Exit mobile version