Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

خطاب الحسم

العنوان الكبير للخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء، هو “الحسم”. لقد أصبح كل شيء واضحا وجليا، وبالتالي لا مجال مرة أخرى للغموض والالتباس والازدواجية في المواقف، وحتى يرفع جلالته العتب عن الجميع فقد قال إن موضوع مغربية الصحراء ليس شأنا قابلا للتفاوض، أي عندما نقبل بالحل الأممي والجلوس إلى طاولة الحوار مع أطراف النزاع المفتعل، فهذا لا يعني إجراء مفاوضات بشأن انتماء الصحراء للمغرب، ولكن بشأن إيجاد حل لنزاع مفتعل.
فجلالة الملك أوضح أن من يمكن أن نجلس معهم ليست لهم التمثيلية الشرعية للمواطنين الصحراويين، فهم انتزعوا هذه التمثيلية بحملهم السلاح وخروجهم عن البلد الأم والارتماء في أحضان الخصم، لكن الممثل الحقيقي هم المنتخبون في الأقاليم الصحراوية، الذين فازوا في الانتخابات الأخيرة، وفق قواعد الاختيار الديمقراطي، وكانت الأقاليم الجنوبية قد حققت أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات التي عرفها المغرب يوم الثامن من شتنبر الماضي.
في هذا الطرح إحراج للمنتظم الدولي، ومساءلة معقوليته، أي بأي صفة يتم اعتماد ممثلين للصحراويين؟ أليس هؤلاء المنتخبون هم من يمثل الصحراويين حقيقة أي عبر الأدوات المعتمدة دوليا في الاختيار؟
لكن بداية الخطاب كانت واضحة وضوح الشمس. لقد وجه جلالة الملك التحية للقوات المسلحة الملكية، الموجود عناصرها فوق الأرض يضمنون وحدة التراب المغربي، وهم مستعدون لتأمين الممرات الدولية، ومضمون هذه الرسالة أن المغرب يمتلك القوة ليحمي مكتسباته التاريخية على أرض الواقع، ليعقبها الحديث عن أنه لا مفاوضات حول الصحراء. فخارج حدود الحكم الذاتي لا يوجد حوار ولا نقاش ولا مفاوضات، والصحراء يحميها الجيش، الذي ليست له عقيدة غزو وعدوان ولكن عقيدة الدفاع عن الوطن.
ليس بعد اليوم من لبس حول القضية الوطنية، ليست هناك تجارة مع أية دولة لا تُضمّن اتفاقاتها العمل في الصحراء المغربية، بمعنى المغرب واحد، والنزاع المفتعل مجرد مشكل مغربي، المفاوضات، تجاوزا، هي من أجل ألا يبقى هناك تحرش بهذا الوطن من طرف أي كان. نعرف أن المغرر بهم هم مغاربة من أهل العقوق الذين تنكروا لبلادهم وباعوا كرامتهم مقابل الدينارات والدولارات.
كل ما أتى بعد ذلك هو تتويج لهذا الصمود المغربي التاريخي، حيث جاء الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على كافة ترابه وأراضيه، واعتراف عشرات الدول بمغربية الصحراء وفتح قنصليات عديدة بمدينتي العيون والداخلة، وهي كلها ثمرة لنضال مغربي حقيقي وتجسيد للصبر الاستراتيجي والحكمة التي تمثلت في رزانة ملك كبير لم تحركه طوارئ الأحداث وما زال مصرا على وحدة المغرب الكبير أو المغرب العربي، بدول لها سيادة لا يطغى واحد فيها على الآخر، لكنها تشكل جغرافية لصناعة التفوق إقليميا وقاريا وخلق التوازنات دوليا. حكمة ملك في خضم التوتر يوجه التحية لشعوب المغرب الكبير كي تكون كبيرة لأن التاريخ لن ينتظر من تخلف عن الركب.

Exit mobile version