تتكرر كل رمضان نفس النقود الموجهة للدراما الرمضانية وللإنتاج التلفزي المرتبط بهذا الشهر الفضيل بما فيه الوصلات الترفيهية والكاميرا الخفية والسيتكومات، إذ ما زال القائمون على هذه الأعمال لا يميزون بين الأجناس التمثيلية، حيث تتحول أحيانا السيتكومات إلى التجسيد، والسيتكوم هو مختصر لكوميديا الموقف “سيتياشين كوميدي”، وتبين أن السيتكومات المقدمة لا تنتمي نهائيا لهذا الجنس الذي تحمل عنوانه.
يحتج المعارضون لهذا الرأي بنسبة المشاهدة المرتفعة، وهذا خطأ في الاستدلال، لأنها هذا يجسد حلم المغاربة الناقص، لقد اعتاد المغربي أن يجلس على مائدة الإفطار محاطا بمنتوج مغربي بدءا بالموسيقى العريقة تم بعض الأعمال التلفزية، التي كانت على بساطتها تجلب اهتمامه. فارتفاع نسبة المشاهدة يُفسره هذا الارتباط الذي يجمع المغربي بكل ما هو منتمي لهذا الوطن، فهو صابر إلى حين يستيقظ القائمون على هذه الأعمال ليقدموا له إنتاجا مغربيا أصيلا وجميلا.
يمكن تسجيل تحولات جيدة ومهمة على مستوى التصوير واختيار الأماكن وزوايا النظر، لكن هذا التطور لم يكن مصحوبا بتطور على مستوى الكتابة أي على مستوى السيناريو، الذي ما زال ضعيفا بشكل كبير جدا، حيث لا يجسد التفاعل الفني مع الواقع، بل يمكن حصرا في الإنتاج المغربي أن ترى ممثلتين مثل مونى فتو ودنيا بوطازوت في سلسلة “بنات العساس” تقومان بتوليد والدتهما وهن في سن الأمهات.
هذا نموذج على أن النص غير مرتبط بالواقع نهائيا، ليس نقلا له ولكن تفاعلا معه، ففي إحدى السلسلات العربية وطوال شهر رمضان يتم معالجة الوضع النفسي والاجتماعي والاقتصادي الذي خلفته كورونا، عبر مواقف فنية جيدة، لكن عندنا يا إما السقوط في التفاهة يا إما السقوط في المباشرة وتغييب الشرط الفني للأعمال الرمضانية.
الفنان محمد الشوبي كتب في صفحته على فيسبوك ردا على انتقادات وجهت إليه “لن اكترث لترهاتكم وتلك الأعمال كانت حقيقة ضعيفة ليس لأن الممثلين كانوا أقل دراية أعرفهم جيدا بقوة أدائهم ولكن لأن المخرجين الذين اشرفوا على العمل لبقوه وزعلكوه لأنهم بدون رؤيا إبداعية ولا يتوفرون إلا على رؤية المال فقط لا غير ومن يجرأ على تقييمها بالعكس فليأتي برهانه إن كان صادقا.
أما عملي في أحلام سيتي يكفيني شرفا أنني لم اتلوى واعوج من خلقتي لاستجداء ضحكة جمهور واشتغلت بما يرضي كوميديا الموقف وليس تهريج الألفاظ وجيب يا فم وقول وتحت إدارة مخرج متمكن من أدواته
لقد سبق واشتغلت بكوميديا سابقا ندمت عليها لأني اكتشفت بعد بثها أن أصحابها بدون رؤيا عميقة للمجتمع ويحاولون الاضحاك بطرق التهريج المتعارف عليه في السيرك”.
دراما رمضان…حلم المغاربة الناقص
