Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

دكار: تسليط الضوء على ثوابت العلاقات الروحية بين المغرب والسينغال

تم خلال غذاء -مناقشة يوم السبت بدكار تسليط الضوء على ثوابت العلاقات الروحية المشتركة العريقة بين المملكة المغربية وجمهورية السينغال ، بمبادرة من سفارة المملكة في دكار.
وشكل اللقاء، الذي احتضنه مقر إقامة السفير المغربي وشارك فيه بشكل خاص ممثلون عن جميع الأسر الصوفية في السينغال من دكار وتيواوان وتوبا وكولاك وغوناس ومثقفون وخبراء مغاربة وسينغاليون، فضلا عن الكفاءات المغربية المقيمة بدكار ، فرصة لاستعراض تاريخ وعمق العلاقات الروحية بين البلدين الشقيقين.
كما يتعلق الامر بإبراز الثوابت الروحية المشتركة بين المغرب والسينغال، والتأكيد على دور مؤسسة إمارة المؤمنين في حفظ كليات الدين وقيمه، وكذلك مناقشة التحديات التي يطرحها التطرف وكراهية الإسلام.
وفي كلمة ترحيبية ، أكد سفير جلالة الملك في السينغال السيد حسن الناصري أن اختيار موضوع هذا الاجتماع يحتفي بالعلاقات العريقة بين المغرب والسينغال ويهدف إلى توحيد مجتمعي البلدين، مضيفا أن هذا الموضوع يحيل الى تاريخ مجيد من العلاقات الإنسانية والأنثروبولوجية والروحية والثقافية التي تربط الشعبين المغربي والسينغالي عبر العصور.
وقال السيد الناصري، “إنه إرث تاريخي مقدس يجب أن ننقله إلى الأجيال القادمة” ، موضحا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله ، وصف هذه الحقيقة بشكل جيد في خطابه جلالته التاريخي للأمة المغربية ،انطلاقا من دكار في نونبر 2016 والذي قال فيه إن ” علاقات الاخوة والتضامن، ووحدة المصير التي تجمع عبر التاريخ الشعبين السنغالي والمغربي، كشعب واحد، حيث يشكل كل منهما الامتداد الطبيعي للآخر ، في تلاحم فريد، بين بلدين مستقلين، يحترمان خصوصيات بعضهما”.
وقال إن هذا النقاش يتركز على الجذور التاريخية لهذه العلاقة العريقة الاستثنائية المبنية على ثوابت دينية مشتركة بين البلدين و على مستوى القارة الافريقية، مشيرا إلى أن أسس وركائز هذه الثوابت هي الإسلام الصوفي السني القائم على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، وكذا التعلق الراسخ ب “إمارة المؤمنين” ، الذي تجسده الملكية المغربية على مر العصور.
وشدد الدبلوماسي المغربي على أن جلالة الملك حافظ على هذه الاواصر بل عمل على تقويتها كما يدل على ذلك استقبال جلالته المتكرر لخلفاء وأعيان الأسر الدينية الصوفية، مبرزا تواصل جلالة الملك معهم في كل الظروف والأحوال، انطلاقا من حرصه على أداء الواجب والأمانة التي تقلدها تجاه الإسلام والمسلمين كأمير للمؤمنين.
ولدى تطرقه للمحور الاول من اللقاء المتعلق بتاريخ العلاقات الروحية بين المغرب والسينغال ، أشار الشيخ بابكر عمر نيانغ ، إلى أن الجانب الروحي كان دائما في صميم العلاقات بين البلدين وما زال أحد أساساتها.
وأوضح أن علاقات المغرب بإفريقيا عامة والسينغال يشكل خاص تعود إلى ما قبل ظهور الاسلام ، مشيرا إلى أنه مع مجيئ الإسلام أعطى هذه العلاقة طابعا روحيا ساميا يتماشى مع تطور العالم بفضل مختلف السلالات المغربية الحاكمة ، ولا سيما الشرفاء العلويين.
وشدد في هذا الصدد على دور الزوايا الصوفية في المغرب في توطيد الروابط الروحية بين المملكة والسينغال ، مشيرا إلى أن فروع الزوايا في المغرب تمتد إلى عدة دول في إفريقيا ، بما في ذلك السينغال.
وتابع السيد نيانغ أن أمير المؤمنين كان له دور مهم في العلاقات بين المغرب والزوايا في إفريقيا ، لا سيما في السينغال ، مؤكدا أن هذه العلاقات قد شهدت تطورا غير مسبوق بفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، أمير المؤمنين ، حفظه الله.
وفي هذا الاطار، أشار إلى أنه منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش العلوي المجيد ، أولى اهتماما خاصا لتطوير العلاقات بين المغرب وعمقه الافريقي ، ولا سيما السينغال التي تحظى بمكانة خاصة لدى جلالة الملك.
وفي كلمة في إطار المحور المتعلق بثوابت العلاقات الروحية بين المغرب والسينغال ، أكد الشيخ محمدو مباكي ضيوف على العقيدة الأشعرية التي تشكل مرجعا أساسيا ضمن الثوابت الدينية المغربية وتلعب صلة وصل لا مجيد عنها بين المملكة وعمقه الافريقي.
وأوضح في هذا السياق أن هذه العقيدة تشكل السبيل الأمثل لضمان الأمن الروحي للمسلمين وحمايتهم من الانحرافات ، كما تعزز العيش المشترك والاحترام المتبادل.
وقال إن الامر يتعلق بعقيدة الوسطية والاعتدال التي ساهمت في ترسيخ قيم الاعتدال والتسامح والانفتاح على الآخرين.
وفي مداخلته حول مؤسسة إمارة المؤمنين ،أكد الأستاذ بجامعة محمد بن عبد الله بفاس ، والخبير في مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ، السيد حميد لحمر أن إمارة المؤمنين تعد ركنا من أركان الاستقرار والامن في المغرب وإفريقيا ، وترتبط ارتباطا وثيقا بالولاء (البيعة).
وأبرز الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، أمير المؤمنين ، للعلماء المسلمين الأفارقة ، لا سيما من خلال إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة ، التي تشتغل تحت رئاسة جلالته لخدمة الإسلام والسلام والأخوة التي تربط المغرب بالبلدان الافريقية.
وأشار الى أن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تعمل على نشر قيم التسامح والسلام وتعزيز ونشر قيم الإسلام السمحة وترسيخ العلاقات التاريخية التي تربط المغرب بالبلدان الافريقية الاخرى.
وفيما يتعلق بالتحديات المرتبطة بالتطرف وكراهية الإسلام، شدد الشيخ إمام إبراهيم لي، في مداخلته على ضرورة محاربة الإسلاموفوبيا من خلال نشر قيم التسامح واحترام الآخر بغض النظر عن أصوله أو معتقداته الدينية ، داعيا في هذا الصدد ، لتنشيط الروابط بين مختلف العائلات الصوفية في المغرب والسينغال لتعزيز روح الصوفية.
وأشاد باقي المتدخلين بهذه المبادرة الجديرة بالثناء التي أطلقتها السفارة المغربية في السينغال والتي سلطت الضوء على عمق العلاقات العريقة التي تربط المغرب بالسينغال من خلال إبراز هذه الروابط المتفردة.
كما شددوا على أهمية هذه التبادلات بالنسبة للأمن الروحي واستدامة هذه الروابط التاريخية بين البلدين.
وأشاد المتدخلون بالجهود التي ما فتئ يبذلها جلالة الملك أمير المؤمنين لتعزيز قيم السلام والتسامح والانفتاح والعناية الكبيرة التي يوليها جلالته للمسلمين في إفريقيا.
ودعا المتدخلون في التوصيات التي توجت أشغال اللقاء الى تعزيز دور مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة كمؤسسة دينية تعمل في خدمة الإسلام والسلام وترسيخ الروابط الروحية والدينية بين المغرب والدول الإفريقية.
وأبرزوا ضرورة الرفع من مستوى الأداء الاجتماعي للطرق الصوفية بحيث تساهم الى جانب الدولة والمجتمع المدني في التصدي لكل اسباب الانحراف وتعمل في آن واحد على المساهمة في الأعمال الخيرية والتطوعية.
وأكدوا على أهمية إسهام الطرق الصوفية في محارية الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية عن طريق نشر القيم الانسانية للإسلام السمح وتوعية المجتمع بهذه المخاطر ، داعين الى إعادة إحياء الأواصر بين مختلف الأسر الصوفية في المغرب وتلك بافريقيا بصفة عامة.
وقد عرف هذا اللقاء حضور على الخصوص الوزير المستشار للشؤون الدينية برئاسة الجمهورية ، ومستشار الشؤون الدينية بوزارة الداخلية ، والسفير المسؤول عن الشراكات الاقتصادية والثقافية بوزارة الشؤون الخارجية وسنغاليي الخارج باباكار با ، ورئيس الإطار الموحد للإسلام في السينغال ، ورئيس تنسيقية التيجانيين ومدير المركز الإسلامي في دكار.

Exit mobile version