وجّه حزب التقدم والاشتراكية رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة أو إلى الحكومة مجتمعة، فسكتت الحكومة وجاءه الرد من التجمع الوطني للأحرار. الحزب غير معني بالرد لأنه مجرد مشارك في الحكومة حتى لو كان يقودها. وهو واحد من ثلاثة أحزاب مكونة لتحالف الأغلبية.
طبيعة الرد ولغته التي كتب بها تقول عبارة واحدة: صمتا دعونا نفعل ما نشاء.
الحزب السياسي كما جهله مدبجو البيان ليس دوره أن يمدح الحكومة، ولكن دوره أن يدافع عن برنامجه داخل الحكومة. لما تقوم أية جهة بانتقاد التجمع وأنه لم يوف بوعوده الانتخابية يتعلل بأنه ليس وحده في الحكومة، ولما يواجه أحد الحكومة ينبري الحزب للدفاع عنها في تناغم كأنه هو الحكومة ولا شريك له فيها.
الدور المهم الذي لا يعرفه كثير من الأتباع هو أن الحزب السياسي له أدوار متعددة، خصوصا إذا كان في المعارضة، وعلى رأسها الدفاع عن المجتمع وفئاته الدنيا، وأساسا هذا حزب يساري يضع القضايا الاجتماعية ضمن أولوياته. فالاحتجاج على الحكومة وبرنامجها من مهامه، كما من مهامه أيضا تنبيهها إلى أخطائها.
الدستور الذي هو أسمى وثيقة يتحاكم إليها المغاربة أعطى المعارضة المكانة الرفيعة التي تستحقها، بما في ذلك تخصيصها بالبنود الأولى قبل كل المؤسسات، لأنها الضامن لفصل السلط.
فالحزب له أدوات للتعبير عن احتجاجه، ومنها تنظيم الوقفات والمسيرات والتعبير من خلال النضال المنبري في البرلمان والتعبير عبر الصحيفة وعبر المنظمات الموازية وعبر القنوات الرسمية وكذلك عبر البيانات والبلاغات والرسائل المفتوحة، كما فعل حزب التقدم والاشتراكية.
ولا يمكن التحجير على الأحزاب السياسية في استعمال أي وسيلة يسمح بها القانون وتتيحها إمكانياته.
السؤال الذي لم يطرحه التجمعيون: هل بقيت وسيلة في المغرب لمواجهة الحكومة غير هاته؟ فرئيس الحكومة غائب عن الجلسة الشهرية لمساءلة الحكومة، كما أن الأجوبة عن الأسئلة الكتابية هي بمقدار صغير.
اللجوء إلى الرسالة المفتوحة هو بدوره رسالة. مفاد هذه الرسالة أن المسالك الرسمية للتواصل مع الحكومة ضيقة للغاية أو منعدمة، وبالتالي لا فائدة من طرق هذا الباب.
هناك أمر مهم جدا في هذا السياق هو وضع الشعب كشاهد على احتجاج حزب سياسي يوجد في المعارضة.
لكن ما لم يكن في الحسبان هو هذا الرد العنيف للتجمع الوطني للأحرار، النائب عن الحكومة في ردها على حزب سياسي، حيث كشر عن أنيابه تجاه معارضي الحكومة.
إذا تحدث العدالة والتنمية قيل له كنت تقود الحكومة. إذا تكلم التقدم والاشتراكية قيل له كنت مشاركا في الحكومة وفشلت في تدبير بعض القطاعات، وإذا قيل لعزيز أخنوش خارج التجمع ورئيسا للتجمع إنك كنت وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية ولديك تفويض بالتوقيع على حسابات صندوق التنمية القروية قال إنه لم يكن رئيسا للحكومة. قمة التناقضات.
لا توجد حكومة ليست في حاجة إلى دروس. الكل في حاجة إليها. والدروس هي تنبيه المعارضة.
دكتاتورية الحزب الوحيد
