Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ذاكرة مفتوحة على الجراح: الطرد الجماعي للمغاربة من الجزائر سنة 1975

كان صباحًا عاديًا من صباحات عيد الأضحى. شوارع الجزائر تكتظّ بروائح الشواء والتكبيرات، والأطفال يلبسون الجديد فرحين بالعيد. لكن وسط تلك الفرحة، كان عشرات الآلاف من المغاربة المقيمين في الجزائر على موعد مع مأساة لا تزال تعيش في ذاكرتهم وذاكرة ذويهم: الطرد الجماعي الذي لم يرحم أحدًا.

 

■ جرح لم يندمل بعد

ما جرى في 1975 لم يكن مجرد حدث عابر. كان صفعة قاسية لآلاف الأسر المغربية التي وجدت نفسها مطرودة من بيوت سكنتها لعقود. بقرار إداري مباغت، تحولت حياتهم إلى حقيبة سفر بالكاد تحوي بعض الملابس، وذكريات مُهملة في زوايا الذاكرة.

 

■ سياسة الانتقام على حساب الناس

في سياق الصراع السياسي بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء، اتخذ النظام الجزائري قرارًا غير مسبوق: طرد أكثر من 45 ألف أسرة مغربية بشكل جماعي. ذريعة لم تخفِ طابعها الانتقامي. كان الجزائريون يقتسمون معهم الخبز والملح، وفجأة صاروا أعداءً.

 

■ “أخرجوا… الآن”

هكذا، دون سابق إنذار، طُلب من الناس الرحيل فورًا. لا أوراق، لا ممتلكات، لا فرصة للوداع. “كنت أشتغل نجارًا بسيطًا في الجزائر العاصمة، لم أتخيل أن يُطلب مني أن أخرج هكذا. تركت كل شيء: أدواتي، صوري، كتبي… وحتى قلبي”، يقول أحد المرحّلين.

 

■ قصص الألم لم تنتهِ

“في لحظة، فُصلت عن إخوتي. تفرّقنا، بعضنا عاد للمغرب، وبعضنا ظلّ في الجزائر. لم نلتقِ منذ ذلك الحين”، تقول حليمة التي كانت في الخامسة عشرة من عمرها. هي لم تعد ترى إخوتها، ولم تعد ترى بيت طفولتها.

 

■ الحقوق ضاعت في الزحام

لم يتمكن أي من الضحايا من استرجاع ممتلكاته أو الحصول على تعويض. لم يُسمح لهم حتى بسحب مدّخراتهم. كانت صدمة جماعية على كل المستويات. أما الجزائر الرسمية، فلم تُقدّم يومًا اعتذارًا أو اعترافًا.

 

■ ذاكرة مغربية… وصرخة إنسانية

ورغم مرور نصف قرن تقريبًا، لم ينسَ المغاربة ذلك الجرح. صمت السياسة لا يلغي وجع الذاكرة. جمعيات المجتمع المدني ما زالت تطالب بالإنصاف وجبر الضرر. إنهم يقولون: “الظلم لا يُمحى بالنسيان، بل بالاعتراف والإنصاف.”

 

■ حتى لا ننسى…

الطرد الجماعي للمغاربة من الجزائر سنة 1975 هو وصمة عار في جبين السياسة. حدثٌ يعيد طرح السؤال الأخلاقي: كيف يمكن لحقد السياسة أن يُدمّر حياة الناس؟ وكيف يمكن لبلد جار أن يطرد من عاش فيه لعقود، بلا رحمة، بلا إنسانية؟

 

نكتب اليوم حتى لا يضيع التاريخ بين أرفف الصمت. نكتب حتى تظل الجراح حيّة، وحتى يكون الاعتراف أول خطوة نحو الإنصاف.

 

Exit mobile version