محمد فارس
أهلا بالحبايب، ألفُ أهلاً، وضعْفُها سهلاً بمن أنا في حبِّهم ذايْب، ومن جرّاء سِياستهم على مدى السِّنين خايب.. أهلاً بالسادة (وحشْتوني) وقدِ اشتَقتُ إليكم وقد كنتم في إجازة وخَلاَ من خلائِقكم المقَرّ، والله أكبر، مرّتِ الأيامُ كلمْحِ البصر، وها أنتم تعودون إلى الإيوان، وها نحن الآن نتذكّر أكاذيبكم، ونُعيد إلى الأذهان، ذكرى ما كنتم تدَّعونه قبل ولوج البرلمان، من وعود زائفة صارت بعد فوزكم في خبر كان؛ فماذا عساكم تقولون بعد عوْدتكم إلى أفخمِ بُنيان؟ بماذا عساكم تكْذِبون على الموظّف والعامل والعاطل والـمواطن الغَلبان؟ ماذا عساكم تقولون يا هؤلاء لمن صدّقكم، ولم يأْمَن مكركم، وقلبُه اليوم يمطر وابل الأحزان؟
عزيزي النائب الخائب، سوف تمضي السّنون، وتغادر الميدان، بعدما نِلتَ تعويضات سِمَان، وحيزَتْ لَكَ الدنيا بلا نقصان، لم تبذُلْ في ذلك لا فكرًا ولا قوّةَ أبدان، بل كذبتَ، ونافقتَ، وفي عدّة جلسات غِبْتَ، ثم ديسَتِ الكرامةُ، وحجبَ الحياءُ، وعزّةُ الإنسان.. سوف تعيشُ يومًا آخِر قُدّاس، وتَنتهي فترة النّعاس، وسوف نسألُكَ عن خمس سنين، سمع لكَ فيها شخيرٌ وطنين، فكيف ستبدأ عَيْطتَكَ الانتخابية، ومن يا تُرى سيضَع لك الكلمات، وينجز لك التلحين، وقدِ اشتدَّ بك الوطْءُ وأخذكَ إلى المقعد الحنين؟ وهي حالة نفسيةٌ لا يَعرف قسوتها إلا إبليس اللّعين، حين طرِدَ من جنّة الخُلدِ بعدما عصَا ربَّ العالمين.. لقد رأيناكُم يوم الجُمعة جالسين، لم يكُنْ أحدٌ منكم من الغائِبين، رأيناكُم بلباسِكم الأبيض النّاصع، رَمْز الأمانة وقوّة الإيمان.. لكن، ألا تستحيُون يا هؤلاء، ومنكم المتابَع قضائيًا، ومنكم المشْتَبَه به، بل حتى رئيسكم متَّهم وَمُدان!
جلُّكم يا هؤلاء مكانُه السّجن وليس البرلمان.. أغلبكُم جُهلاء وأمّيون، لا يفقهون ومهازلُكم فاقتْ كلَّ بيان.. أيامٌ وليالٍ خلتْ، وعلى خيبتِكُم دَلّت، وبرامجكُم انحلَّتْ، وكلّ ما فضُل منها صورُكُم في الشّوارع “منتوفة”، ووعودكُم الواهية لِلْعيْن صارتْ مكشوفة، والـمُراهنةُ عليكم مجدَّدًا لا شكّ أنّها بالمخاطر محفوفة.. وسبحان الله، كلّما تملَّيْنا صورَكم البالية في الدَّرب، إلاّ وكانت المشاهدةُ مصحوبة برائحة الوادي الحار، وإصلاحُه كان لديكم أبرزَ شعار.. يا سلام على كمال الأجسام، وفخامة الهِندام، وروعة الكلام.. يا سلام على “الشّوفة” والابتسام؛ يا سلام على ضخامة “المونة” وتَعْواج “القَمُّونة”؛ يا سلام على رَبْطة العُنق “مَلْوِية”، والبدلة على الدَّوام مَكوية، والنّفس على المصالح الشّخصية مَطْوية؛ يا سلام على برنامج النّماء، تعلوه صورتُكم الملوّنة بلَوْن الانتماء.. غالبًا ما نتتبّع جلاساتكم، لنستَمتِع بـ(سِيتْكُوماتِكم) فماذا نسمع؟ نسمع أحزابكم تهنِّئُ نفسها على “نزاهة” الانتخابات، وتتشدَّق بكونها رشّحت للبرلمان أكفاءَ ونزهاء، وسبحان الله، كيف يؤوَّل الفساد والتّدليس في لغة إبليس! يا سلام، ما كان في ماضي الزّمان محرَّمًا، صار لكم في هذا الزّمان مُباحُ.. صُغْتم نُعوت فضائل لعيوبكم، فتَعذّر التّمييزُ والإصلاحُ.. الأمية علمٌ، والكذبُ شفافيةٌ، والخداع سياسةٌ، وفوزُ المفسدين نزاهةٌ ونجاحُ..
شاهدناكم في استجوابات تلفزية تتحدّثون، وأنتم في قضايا الأمّة لا تفقهون، ولا تخجلون، وكيف يخجل من فاز دون وَجَل، وبالغشِّ والتدليسِ والدَّجل؟! فكيْف بمن ما زال لم يحلّ مشكلتَه النّحوية مع “واو” الجماعة، و”نون” النّسوة، أن يحلَّ مشاكلَ المواطنين مع الشّغل، والسكن، والأسعار، والعطش، والمأكل، والكسوة! فقبْل أن تَتَهجَّوا قطعكُم الرّتيبةَ تحت البنيان، كان عليكم أن تُطِلّوا من نافذة البرلمان، لتشاهدوا الدّليلَ على ما حقّقتموه، وما تجودُ به قرائحكم من كذبٍ وبهتان.. فلو نظرتُم لرأيتم معطّلين مثقّفين، وجهابذة بيان، يعتصمون، ولفرطِ الإضرابات عن الطّعام صارت أجسادُهم مجرّدَ عِيدان.. نشكوكَ إلى الله وحدَه يا برلماني، يا مَن راودْتَنا خلال حملتِكَ على أنفُسِنا كما يُراوِدُ المرأةَ الفاسِقُ الزّاني.. يا سارقَ الأصوات بوعود كاذبة، ولـمّا ظفرتَ تَركْتنا في واقعٍ مُرٍّ نَشْقى ونعاني.. فكنتَ لحكومتِكَ أبرز نصير، تصوِّتُ لصالحها وهي تحوِّل البلادَ إلى جحيمٍ ونيران.. صارت أجسادُنا لحكومتِكَ هدفًا لِرَمْيِ بنادقَ وسِنان.. خطْب جسيمٌ، حلّ بالمغاربة، وفجائعُ نزلت عليهم فَرمَتْ بهم في الغابِ لِلذّؤْبان.. هذا ما حقَّقَتْه لنا حكومتُك، وما تدافع عنه يا برلماني، لكن لكَ يوم تكون فيه أنتَ شاهِد عِيان.
رسالة إلى النائب الخائب وإلى زميله الـمُتثائِب
