Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

رَدٌّ على [ڤولتير] بخصوص مسرحيته الـمُسيئة لِلنّبي الكريم

محمد فارس

كتبَ كاتبٌ ومؤلِّف عربيٌّ مشهور، بأنّ الفيلسوف الفرنسي [ڤولتير] قد ألّفَ كتابًا أساءَ فيه لشخص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ ونحن نقول لهذا الكاتب: عَفوًا، فالفيلسوف [ڤولتير] لم يؤلِّفْ كتابًا بهذا الخصوص، ولكنّه فقط ألّفَ مسرحيةً بعنوان: (التّعصُّب أو محمّد الرّسول)، كال فيها لسيِّدنا رسول الله أقْذَع الشّتائم، وأبشَعَ الأوصاف، ونحن هنا لن ننشرَ المسرحية، بل سنركّز على هذه الشتائم والأوصاف التي لا تليق أن تَصدُر عن فيلسوف ذائِع الصّيت ومحترِم للعقل، ومُنادٍ بالدّقة في الألفاظ؛ فهلِ احترمَ [ڤولتير] ما نادى به؟ لعل الجواب بالنّفي هو الصّائب؛ لكن دعْنا أوّلاً نعرِّف بهذا الفيلسوف وسَبب شهْرته قبْل أن نناقشَ الأوصافَ التي اعتمدها والشّتائم التي ابتدعها والكراهية التي يكنّها للإسلام ولرسول الإسلام عليه الصّلاةُ والسّلام، والتي لا يمكن أن تضاهيها إلاّ كراهية وضغينة [ماكرون] وحِقْده للدّين الإسلامي ولنبيّه ولكافّة المسلمين.. فمَن هو [ڤولتير] يا تُرى، وما هو وَزنُه في ميزان الفكر والفلسفة، وما هو جَجْمُه في زمن (التّنوير) في [فرنسا] والعالم أجْمَع؟
وُلد [ڤولتير] سنة: (1694)، ومات سنة (1778).. يصفه الفيلسوفُ الأمريكي [ويل ديورانت] بقوله: [كان (ڤولتير) قبيحًا، بشعًا، مختالاً، مُعْجبًا بنفسه، فصيحًا، بذيئًا، مستهترًا، وأحيانًا غادِرًا وفاسقًا]؛ ولعلّ هذه الأوصاف كانت أصدَق من الأوصاف الكاذبة التي وصف بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مسرحيته التي لم تَلقَ نجاحًا وكانت بعنوان: (التّعصُّب أو محمّد الرسول)؛ هذه المسرحية ألّفها سنة (1741)، وقد حثّه أصدقاؤُه على ترك مثْل هذه الأعمال لفشل بعضِها تمامًا كما فشلتْ [بروتوس] سنة (1730).. عندما كان سجينًا في سجْن [باستيل]، تبنّى اسم [ڤولتير] لأسباب لم تُعْرَفْ في ما اسمُه الحقيقي هو [فرانسوا أَريت]؛ وبعْد السّجن، انتقل إلى المسرح، وأنتج روايتَه الـمُحزنة [مأساة أُوديب] سنة (1718) التي ضربَتِ الرقم القياسي في [باريس] واستمرَّ تمثيلُها خمسًا وأربعين ليلة متواصلة ذرّتْ عليه مبلغًا صافيًا يُقدّر بأربعة آلاف فرنك؛ وتوالت كتبُه ومؤلّفاتُه.. سمِحَ له بالعودة إلى [فرنسا] بعدما كان منفيًا، ولكنّ ناشرًا وقعتْ بيده بعضُ رسائل [ڤولتير] فنشرها دون عِلْمِه، وباعَها وكسب منها مالاً كثيرًا، فأصدر البرلمانُ قرارًا بحَرْقها باعتبارها مناقِضة لِلدّين والأخلاق، واحترام الدّولة، فشمّر عن ساقيه، وهرب خفْيَة بصحبة امرأةٍ متزوِّجة، والغريب هو عندما تراه يصف نبيَّ الإسلام بأنّه غاوٍ للنّساء، وحاشا ذلك!
قال فيه [نيتشه]: [نار، وجلال، وأقدام خفيفة، ومنطقٌ قويّ]؛ وكان [ڤولتير] نفسه يقول لـمُحاوره: [حدِّدْ ألفاظَك!]، فهل كان منطقُه قويّا وألفاظُه محدّدة، وهو يسيء بأوصاف بذيئة لسبب بسيط، هو أنّه كان يَكره (الأتراك) كراهية لا حدَّ لها، فأسقَط أوصافًا للأتراك على شخص رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ظنّا من [ڤولتير] أنّ (الأتراك) يجسِّدون الإسلام، ويتّصفون بأوصاف النّبي الكريم، وكان ذلك لا محالة، خطَأ [ڤولتير] صاحب المنطق القوي والدّقة في الألفاظ.. كان الفيلسوف [سبينوزَا] يَكره الأتراك، ولكنّه لم يربطْ بينهم وبين الإسلام؛ وكان الفيلسوف والمؤرّخ الفرنسي [غوستاڤ لوبون] صاحب كتاب [حضارة العرب] هو كذلك ينتقد الأتراك، حيث قال في كتابه، صفحة (162) إنّ العرب كانوا يقولون: [لا ينْبت العُشْب على أرضٍ يَطَؤها التُّرك]، وقد ذَكر في كتابه هذا، عظَمة الإسلام وعظَمةَ (محمّد) عليه السّلام، ولم يَربط بين الإسلام ولا برسوله عليه السّلام وبين ما كان يعيبُه على الأتراك، عكْس ما فعله [ڤولتير] صاحب المنطق القوي والدّقة في الألفاظ، وهو ما سقط فيه كذلك [ماكرون] بسبب كراهيته للأتراك، حيث ربط بينهم وبيْن الدّين الإسلامي ونبيِّه العربي عليه الصّلاةُ والسّلام..
سنتطرّق إلى بعض الأوصاف البذيئة الواردة في مسرحية [ڤولتير] حول النّبي الكريم.. وصف [ڤولتير] القرآن الكريم بأنّه كتابٌ مبهَم، وكيف عرف [ڤولتير] أنّ القرآنَ مُبْهم، وهو يَجهل اللّغة العربية؟ وهذا الفيلسوف [لوبون] يصف القرآنَ بأنّه واضح، وخالٍ من الغموض والالتباس.. قال [ڤولتير] إنّ النّبي (محمّد) فرضَ دينَه وكتابَه بالحديد والنّار، والقرآن نفسُه يعترف بأنّه لا إكراه في الدّين.. قال (شوقي): [قالوا غزوتَ، ورُسْلُ الله ما بُعِثوا * لِقتْل نفسٍ ولا جاؤوا لسفْك دَمِ]، قال [ڤولتير] إنّ (محمّد الرسول) كان يذبَح الآباء، ويَخطف البنات، ونحن نسأله: أين قرأ ذلك، وما دليله؟ ثمّ يقول: [إنّها أمورٌ لا يَقبلُها أحد، اللّهمّ إلاّ إذا كان تركيًا]، مما يبيّن بالدّليل على أنّه يمزج بين النّبي الكريم، وممارسات (الأتراك) ويُسقِط هذه الممارسات على نبيِّ الإسلام.. ثم يَرِد وصفُ النبي بأنّه غاوٍ للنّساء، ونحن نسأل [ڤولتير] في ما إذا كان النبيُّ (محمد) هو الذي تعلّقَ بالمركيزة [دي شاتليه]، وكان عمرها (28) سنة، وكان عمرُ [ڤولتير] في الأربعين، فخانتْ زوجَها معه، لأنّ الأخلاق في (فرنسا) كانت تبيح للمرأة الفرنسية أن تضيفَ عشيقًا إلى جانب زوجِها وهو ما فعله [ڤولتير] الذي كان في الواقع غاويًا للنّساء.. ثمّ وصف [ڤولتير] بأنّ (محمّدًا) كان إإرهابيا، ونحن نسأله عن دليله في ذلك؛ فالإسلام هو دين السّلام، فلا غدْر فيه ولا قتْلَ ولا خديعة، وهي رذائل مآلُها جهنّم وبئسَ المصير.. لذا ترى أنّ [ڤولتير] جانبَ الصّواب وحادَ عن المنطق وتنكّر للدّقة في الألفاظ التي حثَّ عليها؛ لكنْ أليس هو القائل: [تِجارتي أن أقول ما أريد]؟ وهذه هي التّجارة التي يتعاطاها [ماكرون] في معاداتِه للإسلام، وفي دفاعه عن الرّسوم الـمُسيئة لرسول الإسلام عليه الصّلاةُ والسّلام..

Exit mobile version