Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

زيارة تبون لتونس الأبعاد الدبلوماسية والخلفيات الأمنية

جمال أيت لعظام
تزامنا مع تشنجات العلاقات الدبلوماسية المغربية الجزائرية في الفترة الأخيرة التي جرَّت الخارجية الجزائرية إلى اتخاذ سلسلة من القرارات العدائية والاعتباطية، بدءًا بمؤامرة حرق الغابات الجزائرية إلى إغلاق مجالها الجوي عن الطيران المدني المغربي، لتنتهي إلى حدود قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع جارتها المغربية. هذا القطع اللاعقلاني جاء مخيبا لآمال بناء الاتحاد المغاربي المشترك الذي يتماشى مع تطلعات الجيواقتصادية والسياسية والأمنية لشعوب المنطقة المغاربية.
زيارة الرئيس الجزائري لتونس خباياها دبلوماسية كيدية ودلالاتها تحريضية، زيارة مغزاها ليس بتبادل مصالح مشتركة أو إبرام اتفاقيات تعاون ثنائي اقتصادي حر بل إنما هي زيارة تحالف سياسي واستراتيجي منفعي ضد مصالح بلد الجوار الذي أصبح اليوم يُمثل قوة إقليمية صاعدة يُحْسب لها ألف حساب داخل منطقة شمال إفريقيا.
إن هذا التحالف الخارجي الجزائري التونسي الذي أسمته الدبلوماسية الجزائرية بتقارب المواقف السياسية والخارجية على الصعيد الإقليمي إنما هو في حد ذاته محاولة خلق توازن إقليمي تنافسي مشترك لكبح دور المغرب المتنامي والهادف إلى إعادة بناء استقرار جيو سياسي واستراتيجي شامل بالمنطقة المغاربية. هذه الأخيرة التي عرفت عدة تحولات ومؤشرات كبرى بما فيها تحول موازين القوى داخل دول الجوار وظهور اختلالات سياسية واجتماعية داخلية تُلقي بظلالها على مدى تطور العلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية بين دول الجوار سواءً داخل المنطقة المغاربية أو خارجها.
ومن المُلاحظ أن النظام التونسي أوفى بوعده للجزائر وأعضاء خارجيتها بمجلس الأمن للامتناع عن التصويت بخصوص قرار مجلس الأمن الدولي 2602 حول نزاع الصحراء المفتعل لصالح المملكة المغربية؛ هذا الامتناع كان واضحا من خلال ما يُسمى بـ”تقارب المواقف السياسية الخارجية” على حساب سيادة المغرب الوطنية والوحدوية.
وفي نفس السياق، منح النظام الجزائري قرضا بقيمة 300 مليون دولار لدعم حكومة قيس سعيد في ظل أزمة جزائرية اقتصادية خانقة تزداد صعوبة وتعقيدا في غياب أي رؤية سياسية مستقبلية محضة، بسبب تدني مستوى الاقتصاد الوطني الخام جراء تداعيات جائحة كورونا. بحيث مازالت خارجية رئيس تبون تتخبط في عشوائية قراراتها الدبلوماسية الأحادية المدى من أجل البحث عن مخرج مغاربي يُبعدها عن العزلة الإقليمية والدولية على وجه الخصوص.
قريبًا من المشهد السياسي الجزائري واستمرار عدائية الخطاب ضد مصالح المغرب وتنوع حلفائه في المنطقة المغاربية، مازال قادة النظام العسكري الجزائري يستقطبون دولا عربية وإفريقية لمجابهة الدبلوماسية المغربية وتحركاتها البراغماتية وكذلك صد مشاركتها الفعالة في أي تكتل عربي أو إقليمي يُعيد الثقة والاستقرار لدول منطقة شمال إفريقيا.
لا شك أن دبلوماسية الجزائر تطمح إلى تغيير استراتيجيتها ومسار نفوذها في المنطقة باستدراج دول أخرى كروسيا، والصين وإيران؛ لمحاولة حصر التقارب الثلاثي العسكري، المغربي الإسرائيلي والأمريكي؛ الذي أصبح يُشكل نقطة تحول أمني واستخباراتي على صعيد المنطقة المغاربية.
وختامًا، تقارب العلاقات الدبلوماسية الجزائرية والتونسية في هذا الوقت بالذات، كانت مؤشراته واضحة مُتجلية في خروج تونس عن الحياد الدبلوماسي السابق والمتعلق بملف قضية الصحراء المغربية والامتناع عن التصويت لصالحه داخل مجلس الأمن الدولي بضغط جزائري مقابل تحالف كيدي ضد سيادة المغرب. إذن، يمكن القول برغم من هذا التقارب المادي مع تونس، لا يمكن للجزائر ودبلوماسيتها تغيير النظام السياسي والإقليمي الحالي لدول الجوار، مادامت هذه الأخيرة تتجاهل مواجهة التحديات السياسية الداخلية والخارجية لضمان وحدة واستقرار المنطقة ككل.

Exit mobile version